حين لا تتعارض مع حرية الدعوة، أن على المسلم أن يفعلها، فقد يؤثر المسلم الداعية الصبر على الأذى في سبيل الله، ولا يدع في عنقه منا ومعروفا لمشرك، كما فعل عثمان بن مظعون رضي الله عنه.
قال ابن إسحاق:
(وكان ممن دخل معهم بجوار عثمان بن مظعون في جوار الوليد بن المغيرة .. ولما رأى عثمان بن مظعون ما فيه أصحاب نول الله (ص) من البلاء، وهو يروح ويغدو في أمان الوليد بن المغيرة، قال: والله إن غدوي ورواحي في جوار رجل من أهل الشرك، وأصحابي وأهل ديني يلقون من البلاء والأذى ما لا يصيبني، لنقص كبير في نفسي، فمشى إلى الوليد بن المغيرة فقال له: يا أبا عبد شمس، وفت ذمتك، وقد رددت إليك جوارك. قال: لم يابن أخي؟ لعله آذاك أحد من قومي، قال: لا ولكني أرضى بجوار الله عز وجل ولا أريد أن أستجير بغيره. قال: فانطلق إلى المسجد فاردد علي جواي علانية كما أجرتك علانية. قال: فانطلقا، فخرجا حتى أتيا المسجد، فقال الوليد بن المغيرة: هذا عثمان قد جاء يرد علي جواري، قال: صدق قد وجدته وفيا كريم الجوار، ولكن قد أحبيت أن لا أستجير بغير الله، فقد رددت عليه جواره، ثم انصرف عثمان، ولبيد بن ربيعة في مجلس من قريش ينشدهم، فجلس معهم عثمان، فقال لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل. قال عثمان: صدقت. فقال لبيد: وكل نعيم لا محالة زائل. قال عثمان: كذبت نعيم الجنة لا يزول. قال لبيد:
يا معشر قريش، والله ما كان يؤذى جليسكم، فمتى حدث هذا فيكم؟ فقال رجل من القوم: إن هذا سفيه في سفهاء معه، قد فارقوا ديننا،