للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلا تجدن في نفسك من قوله، فرد عليه عثمان حتى شري (١) أمرهما. فقام إليه ذلك الرجل فلطم عينه فخضرها (٢) والوليد بن المغيرة قريب يرى ما بلغ من عثمان. فقال: أما والله يابن أخي إن كانت عينك عما أصابها لغنية، لقد كنت في ذمة منيعة. قال يقول عثمان: بل والله إن عيني الصحيحة لفقيرة إلى مثل ما أصاب أختها في الله، وإني لفي جوار من هو أعز منك، وأقدر يا أبا عبد شمس، فقال له الوليد: هلم يابن أخي إن شئت فعد إلى جوارك، فقال: لا) (٣).

وهو الموقف نفسه الذي وقفه عمر رضي الله عنه حين وفض جوار خاله.

والملاحظ أن ظاهرة الجوار هذه تمس الأحرار فقط، أما العبيد والموالي فلا حق لهم بذلك، ومن أجل هذا، وجدنا التعذيب الذي كان ينزل على المستضعفين في مكة، ولا ينقذهم منه إلا عتقهم أو شراؤهم.

ونشير كذلك إلى أن رسول الله (ص) لقي من الأذى ما لقيه أصحابه رغم منعة وجوار أبي طالب، فهم يعلمون أن منبع الخطر كله منه، وهو ليس كواحد من أصحابه.

ونلاحظ أن الوفاء بالجوار، واحترامه كان قائما في حدود معقولة،


(١) شري: زاد وعظم.
(٢) فحضرها: جعلها خضرء من أثر الضربة.
(٣) السيرة النبوية لابن هشام ١/ ٣٧٠،٣٧١.

<<  <   >  >>