تحرك هذا العدو لحرب هذا الدين، لكن هذا لا يعذر الصف المؤمن أن يقف مكتوف الأيدي أمام إمكانات خصمه.
٦ - ورغم أن الخطة نفذت بحذافيرها كاملة، غير أنها باءت بالفشل، لأن شخصية النجاشي العظيمة - والتي تم اختيار جوارها - رفضت أن تسلم المسلمين قبل أن تسمع منهم. وبذلك أتاحت الفرصة أمام الدعاة إلى الله ليثبتوا وجودهم. ولعلها تكون فرصة فريدة إن أحسن الدعاة الاستفادة منها، فتحت أمامهم آفاقا جديدة للنصر - وإن ضيعوها كانوا لسوها أضيع - ومن أجل ذلك اجتمع الصحب حين جاءهم رسول النجاشي للحضور، وتدارسوا الموقف من جميع وجوهه، ةاستقر الرأي عندهم أن يعرضوا مبادىء الدين أمام النجاشي، كما علمهم ربهم ونبيهم، والله تعالى حسبهم، فما خرجوا إلا لأجل هذا الدين.
وفي مثل هذه المواقف تنزلق الأقدام، وتزل القلوب، فكثيرا ما يتوهم الدعاة أنهم لو صارحوا بحقيقة مبادئهم لخسروا حياتهم ومركزهم، وتبدأ نقطة الانحراف صغيرة، ثم تنفرج الزاوية، فإذا بالدعاة إلى الله ينسون رسالتهم التي لاقوا ما لاقوا من أجلها، وتصبح القضية عندهم أمنهم وراحتهم، وحياتهم، لا حياة دعوتهم، وانتشار دينهم.
وعصم الله تعالى صحب نبيه من هذه الزلة، ولا غرو، فهم صفوة الصحب الذين تربوا بين يدي رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.