وكثيرا ما يختلط الأمر لدى الدعاة إلى الله، فيطيحون بالأسلوب جانبا، ويقدمون ما يحفظون من نص، مهما كان أسلوب عرضه، فيخفقوا لعدم وجود الحكمة التي أمرهم الله تعالى بها {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}(١)، فيعودوا بالإخفاق على الناس وباللوم منهم وسبابهم، دون أن يدركوا أنهم هم الذين نفروا الناس بأسلوبهم الفج، ولم يكونوا دعاة إلى الله ورسوله. ولعل الوقوف أمام الأسلوب الرائع الأخاذ الذي عرض به جعفر رضي الله عنه دين الله تعالى، يبصر دعاة اليوم، بمنهج الدعوة، وطريقها.
٨ - وقبل المضي في الحديث عن الأسلوب يحسن الوقوف أمام شخصية جعفر رضي الله عنه، الذي تم اختياره من المسلمين ليكون خطيبا لله ورسوله بين يدي الملوك، بين يدي النجاشي، وليتمكن من مواجهة داهية العرب عمرو بن العاص، وبليغهم كذلك الذي كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يضرب المثل بفصاحته حين يرى عييا يتكلم فيقول: سبحان الله خالق هذا، وخالق عمرو بن العاص واحد.