(م) وانتهى الأمر بأن أعلن النجاشي صدق القوم، لكن يود أن يطمئن قلبه، فإذا كان هذا شأن الرسالة، فلا بد من سماع كلام مباشر لوحي الله تعالى. فروح الوحي الرباني يتضح لكل ذي عينين مبصر.
وتلا جعفر صدر سورة مريم .. فكان برد اليقين الذي نزل على قلب النجاشي .. فهؤلاء صديقون، وحواريون كحواي عيسى، وهو المؤمن الصادق الذي يتمنى أن يكون في خدمة رسول الله الذي يأتيه الناموس كناموس موسى، وهو يتقرب إلى الله بحمايتهم، ويؤكد بعدها لعمرو أنه لا يضيره تجارة قريش، ولا مال قريش ولا جاهها، ولو قطعت علاقتها معه، فهو حامي حمى حزب الله عز وجل. إن هذا العرض الحي، لأكبر نجاح حققته الدعوة في ذلك الوقت أن تضم إليها ملكا حاكما، لم يتم عرضا وبسهولة، لقد تم بحركة ووعي، وعبقرية في التخطيط والتنفيذ، وحول الكارثة المتوقعة الوشيكة إلى أكبر غنم ظفر به المؤمنون آنذاك حتى ذلك الحين.
ومن أجل هذا عندما تعرض النجاشي للخطر، قلق المسلمون، وعرفوا أن اسقرارهم مرتبط بمصيره، وبعثوا الزبير فتى القوم، ليشهد نتائج الثورة على النجاشي، فهم يسابقون الأحداث ويعيشونها .. فلم يشهدو غما حضرهم كالغم في ثورة القوم على النجاشي، ولم يشهدوا فرحة نزلت بهم كفرحهم بفوز النجاشي على خصومه ..
هذا وتشير بعض الروايات إلى جانب دقيق في هذا الموضوع، هو أن