للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مفروق: إنا أشد ما نكون لقاء حين نغضب، وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد، والسلاح على اللقاح، والنصر من عند الله، يديلنا (١) مرة ويديل علينا، لعلك أخو قريش؟ فقال أبو بكر: إن كان بلغكم أنه رسول الله فها هو ذا، فقال مفروق: قد بلغنا أنه يذكر ذلك، ثم التفت إلى رسول الله فجلس، وقام أبو بكر يظله بثوبه، فقال (ص): ((أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأني رسول الله، وأن تؤووني وتنصروني، حتى أؤدي إلى الله الذي أمرني به، فإن قريشا قد تظاهرت على أمر الله وكذبت رسوله، واستغنت بالباطل عن الحق، والله هو الغني الحميد)) قال له: وإلى ما تدعو أيضا يا أخا قريش؟

فتلا رسول الله (ص) {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون} (٢).

فقال له مفروق: دعوت والله يا أخا قريش إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، ولقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك.

وكأنه أحب أن يشركه في الكلام هانىء بن قبيصة، فقال: وهذا هانئ بن قبيصة شيخنا، وصاحب ديننا، فقال له هانىء: قد سمعت مقالتك يا أخا قريش، وصدقت قولك، وإني أرى أننا إن تركنا ديننا واتباعنا إياك على دينك، لمجلس جلسته إلينا ليس له أول ولا آخر، لم نتفكر في أمرك وننظر في


(١) الإدالة: الغلبة. ودالت الأيام: دارت.
(٢) النحل ٩٠.

<<  <   >  >>