عاقبة ما تدعو إليه، زلة في الرأي، وطيشة في العقل، وقلة نظر في العاقبة، وإنما تكون الزلة مع العجلة، وإن من ورائنا قوما نكره أن نعقد عليهم عقدا، ولكن ترجع ونرجع وتنظر وننظر.
وكأنه أحب أن يشركه في الكلام المثنى بن حارثة، فقال: وهذا المثنى شيخنا وصاحب حربنا، فقال المثنى: قد سمعت قولك، واستحسنت مقالتك يا أخا قريش، وأعجبني ما تكلمت به، والجواب هو جواب هانىء بن قبيصة. وتركنا ديننا، واتباعنا إياك لمجلس جلسته إلينا، وإنا إنما نزلنا بين صرين (١) أحدهما اليمامة والآخر السماوة. فقال له رسول الله (ص): ((وما هذان الصريان؟)) فقال له: أما أحدهما فطفوف البر وأرض العرب، وأما الآخر فأرض فارس وأنهار كسرى، وإنما نزلنا على عهد أخذه علينا كسرى أن لا نحدث حدثا، ولا نؤوي محدثا ولعل هذا الأمر الذي تدعونا إليه مما تكرهه الملوك، فأما ما كان مما يلي بلاد العرب فذنب صاحبه مغفور، وعذره مقبول، وأما ما كان مما يلي بلاد فارس، فذنب صاحبه غير مغفور، وعذره غير مقبول. فإن أردت أن ننصرك ونمنعك مما يلي العرب فعلنا. فقال له رسول الله (ص): ((ما أسأتم الرد إذ أفصحتم بالصدق. إنه لا يقوم بدين الله إلا من حاطه من جميع جوانبه)).
ثم قال رسول الله (ص): ((أرأيم إن لم تلبثوا إلا يسيرا حتى يمنحكم الله بلادهم، ويفرشكم بناتهم، أتسبحون الله وتقدسونه؟)) فقال له النعمان بن شريك: اللهم وإن ذلك لك يا أخا قريش. فقلا رسول الله (ص): {إنا