المتجبرين مثل وعي جماهيرهم بحقيقة هذا الدين، ورفضهم الانصياع لهم بعد سماع دعوة التوحيد التي تقول: لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده.
والحاكم الذي لا يريد أن يفيء إلى ما أنزل الله لن يجد خطرا عليه أعظم من هذا الخطر، لأنه يدعو كما قال ربعي رضي الله عنه (لإخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله ..).
ومن أجل هذا يواجه الطغاة هذا الدين ويحاربونه حفاظا على سلطانهم، وخوفا من أن تنثل عروشهم، وتميد الأرض من تحتهم.
٣ - ((إنه لا يقوم بدين الله إلا من أحاطه من جميع جوانبه) سمة أخرى من سمات هذا الدين .. فإن يخضع المسلم في آن لأحد لله وللطاغوت، فهذا ما لا يكون أبدا. وعرف رسول الله (ص) أن هذه المنعة المبتورة الناقصة، المنعة من العرب دون العجم لا تعني. لأن الفرس لا ترضى بهذا الدين بجوارها، ولذلك فلا يتعهد بنو شيبان بحماية رسول الله (ص) منهم، وقد يسلمونه حين يرون أنهم غير ملزمين بحمايته، بينما رأينا الأنصار - كما سيظهر فيما بعد - يقول قائلهم:(تحاربون به الأحمر والأسود من الناس) قد أحاطوا بهذا الأمر من جميع جوانبه.
لا بد من الرأي الواضح المحدد في أي موقف يقفه الحلفاء من الدعوة. وأن نتأكد من صدق الموقف، والاستعداد الحقيقي لتحمل تبعاته، لا أن ترمي بثقلها في مكان، ثم تكون بعد ذلك لقمة سائغة للعدو فيه.