سمعت منه خيرا فأجب الله، فقال: ماذا يقول: فقرأ عليهم مصعب ابن عمير: {حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون} فقال سعد: وما أسمع إلا ما أعرف، فرجع وقد هداه الله تعالى، ولم يظهر أمر الإسلام، حتى رجع. فرجع إلى قومه فدعا بني عبد الأشهل إلى الإسلام وأظهر إسلامه، وقال فيه: من شك فيه من صغير أو كبير أو ذكر أو أنثى فليأتينا بأهدى منه نأخذ به، فوالله لقد جاء أمر لتحزن فيه الرقاب. فأسلمت بنو عبد الأشهل عند إسلام سعد ودعائه إلا من لا يذكر. فكانت أول دور من دور الأنصار أسلمت بأسرها، ثم إن بني النجار أخرجوا مصعب بن عمير، واشتدوا على أسعد بن زرارة، فانتقل مصعب بن عمير إلى سعد بن معاذ، فلم يزل يدعو، ويهدي على يديه حتى قل دار من دور من الأنصار إلا أسلم فيها ناس لا محالة، وأسلم أشرافهم، وأسلم عمرو بن الجموح وكسرت أصنامهم، فكان المسلمون أعز أهلها، وصلح أمرهم، ورجع مصعب بن عمير إلى رسول الله (ص) وكان يسمى المقرى) (١).
ولئن كون إسلام عمر رضي الله عنه قوة للمسلمين، وكذلك إسلام النجاشي، لكن إسلام سعد بن معاذ أدخل قبيلته كلها في الإسلام إلى جانب القوة للمسلمين في كل مكان، وأدى إسلام الكثير من الأشراف في المدينة إلى أن يصبح الإسلام كما قال عروة رضي الله عنه
(١) مجمع الزوائد ٤٢،٤١/ ٦ وقال الهيثمي رواه الطبراني وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف وهو حسن الحديث، وبقية رجال ثقات، وقال ابن حجر في تقريب التهذيب عن ابن لهيعة (صدوق خلط بعد احتراق كتبه، وله في مسلم بعض شيء مقرون).