ولا بد أن تكون في حس الدعاة إلى الله إن أرادوا أن يكونوا مستخلفين في الأرض، وأن يعملوا لتمكين هذا الدين فها .. هذه المعاني واضحة بجلاء وبصيرة دون لجلجة، ولا غموض.
وهذا هو طريق الأنبياء والذين يأمرون بالقسط من الناس.
أما الدعوة بلا تكاليف، والتبليغ بلا ثمن، فهو أمر آخر غير قضية الحكم بما أنزل الله، وتحكيم شريعة الله في الوجود.
٦ - فما لنا إن من وفينا بذلك، قال:((الجنة)) قالوا: ابسط يدك نبايعك.
يقابل هذا المعنى تماما: وإن نحن فعلنا ذلك فهل يكون لنا الأمر من بعدك؟ قال:((الأمر بيد الله يؤتيه من يشاء)) هذا هو الخط الإسلامي الأصيل، فلا ثمن لهذه التضحيات إلا الجنة، والتمكين هو للدين لا للأشخاص، وذاك هو الخط الجاهلي، الذي يطلب الثمن، نصرا سريعا، ووزرا، ووظيفة، وموقعا، وحكما.
٧ - ومع عظمة سيد الدعاة رسول الله (ص) في حس جنوده، وهم يفدونه بأرواحهم وآبائهم وأمهاتهم لم يمنعهم ذلك من أن يشترطوا لأنفسهم حين تحدث أبو الهيثم رضي الله عنه عن قطع العهود مع اليهود، وربطها بمحمد (ص)، فهل هو خاذلهم بعدها وتاركهم ليهود؟
وكان التزام القائد الأعظم (ص) أمام جنوده بالوفاء ((بل الدم الدم، والهدم بالهدم، أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم)).
فأي قائد في هذا الوجود بعد رسول الله (ص) أكبر من هذا الالتزام؟!