للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شرائع البشر الجاهلية - وكل مناهج البشر جاهلية - على الله، وتغليب ظلم البشر - وكل حكم للبشر من دون الله ظلم - على عدل الله، الذي هم مأمورون أن يحكموا به بين الناس، كذلك يخوضون المعركة وهم يوقنون أن الله وليهم فيها، وأنهم يواجهون قوما الشيطان وليهم، فهم إذن ضعاف، إن كيد الشيطان كان ضعيفا.

ومن هنا يتقرر مصير المعركة في حس المؤمنين، وتتحدد نهايتها قبل أن يدخلوها، وسواء بعد ذلك استشهد المؤمن في المعركة - فهو واثق النتيجة - أم بقي حتى غلب، ورأى بعينيه النصر، فهو واثق من الأجر العظيم.

من هذا التصور الحقيقي للأمر في كلتا حالتيه، انبعثت تلك الخوارق الكثيرة التي حفظها تاريخ الجهاد في سبيل الله في حياة الجماعة المسلمة الأولى، والتي تناثرت على مدى التاريخ في أجيال كثيرة، وما بنا أن نضرب لها هنا الأمثال، فهي كثيرة مشهورة (١). ومن هذا التصور كان ذلك المد الإسلامي العجيب، في أقصر فترة عرفت في التاريخ، فقد كان هذا التصور جانبا من جوانب التفوق الذي حققه المنهج الرباني للجماعة المسلمة على المعسكرات المعادية ..) (٢).

لقد حدد رسول الله (ص) مفهوم الجهاد في سبيل الله بحيث يقطع أي


(١) ما يشهده جهاد المسلمين الأفغان في صراعهم ضد الكفر ودولته العظمى روسيا، وما تبدو فيه من كرامات وانتصارات أذهلت العالم على ضعف المجاهدين وقلة إمكاناتهم المادية دليل واضح على ذلك.
(٢) في ظلال القرآن (سورة النساء) م ٢ ج ٥ ص ٧٠٩، ٧١٠.

<<  <   >  >>