إلا صحيفة يمانية. وثبات أغلب الجيش معه حتى اللحظة الأخيرة التي أذن الله تعالى فيها بنصر جنده.
٦ - وهذا لا يتعارض مع الروايات الصحيحة عن فرار فئة من الجيش وصلت المدينة بعد مقتل القيادات الإسلامية، وأن يرويها لنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فبنية الرواية نفسها تؤكد أن فريقا من الجيش قد فر، وليس الجيش كله.
والذين تولوا يوم التقى الجمعان في أحد، وقد استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا، وعفا عنهم مثل الذين تولوا يوم مؤتة، بل أخف لأنهم فاؤوا إلى رسول الله (ص)، وهو فئة كل مسلم، وهم الذين قال لهم الرسول (ص): ((بل أنتم الكرارون إن شاء الله، بل أنتم العكارون)) في الوقت الذي يعجب المسلم فيه لذلك المستوى العالي للوتيرة الإيمانية في المدينة، حتى الصبيان يشتدون، ويعيرون الفارين بفرارهم، ويحثون في وجوههم التراب، ولولا أن رسول الله (ص) قد عذرهم، واعتبرهم منحازين لقتلوا على يد الغلمان والصبيان، لأن الفرار في حس المسلم لا يقابله إلا القتل.
وحين ترتفع الوتيرة الإيمانية لدى الفتيان الناشئين في الجيل الإسلامي إلى هذا المستوى فلا شك أن هذا التغير هو الكفيل بتغيير حال المسلمين {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.