رضي الله عنه بلقب الطيار في مؤتة، فقد مضى خالد بلقب سيف الله في مؤتة كذلك. والذين يدعون ذلك كثيرون، أما الذي يملك الشهادة من رسول الله (ص) وحده في الدنيا هو خالد بن الوليد. والجماعة المسلمة بحاجة أن تفقه معادن الرجال وتضع الرجال في مواضعهم وهي تخوض معركتها مع العدو.
والحقد والثأر مقبول من الجاهلين {إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية} أما الدعاة إلى الله فهم أرفع الناس في هذا الوجود عن الحقد. وصراع خالد سبعة عشر عاما مع رسول الله (ص) لم يمنع أبدا أن يحوز على لقب سيف الله بعد أربعة أشهر أو تزيد على دخوله الإسلام.
وما أحوجنا إلى أن نفقه هذه الدروس، فتضم الجماعة المسلمة في صفها أعظم النماذج البشرية، ولو كانت قبل قليل تصليها نار العداء والحرب، فالإسلام يجب ما قبله.
٥ - ((جعل الله الفتح على يديه)) هذا النص من حديث البخاري والنصوص الأخرى ذات السند الصحيح، تؤكد أن مؤتة قد انتهت بفتح وانتصار، وابن إسحاق الذي أخذ برأي المحاجر بين المسلمين والروم بدون نصر، هو الذي روى مقتل قائد جيش العدو مالك بن زافلة، وأخذ نساء الروم سبايا بعد مقتله، وتبقى المعجزة الخالدة، في نصر هذه القلة الفدائية المستضعفة على العدو اللجب الضخم الذي تحرك بمئتي ألف ليئد الإسلام وأهله، وذلك بحكمة خالد وعبقريته يوم غير مواقع الجيش كله، وبثباته وصموده يوم كسرت في يده تسعة أسياف ولم تثبت