يتراجعان وأبو سفيان يقول: ما رأيت كاليوم قط نيرانا ولا عسكرا. قال: يقول بديل: هذه والله نيران خزاعة حشتها الحرب. قال يقول أبو سفيان: خزاعة والله أذل وألأم من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها.
فعرفت صوته، فقلت: يا أبا حنظلة. فعرف صوتي. فقال: أبو الفضل؟ فقلت: نعم. فقال: ما لك فداك أبي وأمي. فقلت: ويحك يا أبا سفيان هذا رسول الله (ص) في الناس، واصباح قريش والله. قال: فما الحيلة فداك أبي وأمي؟ قال: قلت: لئن ظفر بك ليضربن عنقك فاركب معي هذه البغلة حتى آتي بك رسول الله (ص) فاستأمنه لك. قال: فركب خلفي ورجع صاحباه. وحركت به، فكلما مررت بنار من نيران المسلمين. قالوا: من هذا؟ فإذا رأوا بغلة رسول الله (ص) قالوا: عم رسول الله على بغلته حتى مررت بنار عمر بن الخطاب. فقال: من هذا؟ وقام إلي، فلما رأى أبا سفيان على عجز البغلة. قال: أبو سفيان! عدو الله قد أمكن الله منه بغير عقد، ولا عهد، ثم خرج يشتد نحو رسول الله (ص) وركضت البغلة فسبقته بما تسبق البغلة الرجل البطيء. فاقتحمت عن البغلة، فدخلت على رسول الله (ص) ودخل عمر ٠ فقال: يا رسول الله هذا أبو سفيان، قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد فدعني فلأضرب عنقه. فقلت: يا رسول الله إني قد أجرته، ثم جلست إلى رسول الله (ص) فقلت: لا والله لا يناجيه الليلة دوني أحد. فلما أكثر عمر في شأنه قلت: مهلا يا عمر أما والله لو كان من رجال بني عدي بن كعب ما قلت هذا، ولكنك عرفت أنه من رجال بني عبد مناف. فقال: مهلا يا عباس.