(وكان عبادة بن الصامت قبل ذلك قال لابن أبي: إيت رسول الله يستغفر لك، فلوى رأسه معرضا. فقال له عبادة: والله لينزلن في لي رأسك قرآنا يصلى به)(١).
هنا يبرز دور النفاق الخطير في المجتمع الإسلامي. فعبد الله بن أبي يجد الفرصة سانحة ولن تتكرر له هذه الفرصة الذهبية مرة ثانية في تدمير هذه الجماعة المسلمة ليقوم على أنقاضها. وها هو يهتبل الفرصة فيعبر عما في نفسه. ولكن أين؟ في عشرة من المنافقين، يطمئن إلى نفاقهم، ويطمئن إلى استعدادهم لقبول أفكاره وتنفيذ مخططاته. ولم يعر التفاتا إلى ذلك الغلام الحدث الذي أصغى إلى قوله.
لقد وجدناه في أحد ينفصل بثلث الجيش، ويشكك في البقية الباقية من أتباعه فوق هذا الثلث وهو في قمة مجده، ثم بدأ هذا المجد ينحسر، فيعجز عن نصر حلفائه من بني النضير. ولا يتجاوز دوره التشكيك في النصر وإمكاناته في الخندق. أما اليوم فيبث حديثه في عشرة من أتباعه، ويتحدث عن كل ما يعانيه من بغض للإسلام وأهله، ويدعو صراحة إلى تمزيق الصف والثورة على القيادة. بل يهدد بهذه الثورة التي بدت ملامحها، وذرت قرونها عند العودة إلى المدينة.
ولكن الذي حطم هذه الثورة. هو ابنه عبد الله.
(وجاء ابنه عبد الله بن عبد الله بن أبي فقال: يا رسول الله إن كنت تريد قتل أبي فيما بلغك عنه. فمرني به. فوالله لأحملن إليك رأسه قبل أن تقوم من