للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مجلسك هذا، والله لقد علمت الخزرج ما كان فيها رجل أبر بوالده مني. وإني لأخشى يا رسول الله - أن تأمر غيري بقتله. فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل أبي يمشي في الناس، فأقتله فأدخل النار. فقال رسول الله (ص): ((ما أردت قتله وما أمرت به ...)) (١).

(وقد ذكر عكرمة وابن زيد وغيرهما: أن ابنه عبد الله - رضي الله عنه - وقف لأبيه عبد الله بن أبي سلول عند مضيق المدينة فقال: قف فوالله لا تدخلها حتى يأذن رسول الله (ص) في ذلك. فلما جاء رسول الله (ص) استأذنه في ذلك فأذن له. فأرسله حتى دخل المدينة) (٢).

لقد كانت عظمة المعالجة النبوية لهذه الفتنة الخطيرة من زعم المنافقين تعطينا أعظم الدروس في سياسة النفوس. وهي التي وأدت الفتنة، ووأدت النفاق معها حتى كاد يتلاشى في المجتمع الإسلامي.

(أ) (لم يشعر أهل العسكر إلا برسول الله (ص) قد طلع على راحلته.

وكانوا في حر شديد. وكان لا يروح حتى يبرد) (٣) (ثم مشي رسول الله (ص) بالناس يومهم حتى أمسى، وليلتهم حتى أصبح وصدر يومهم ذلك حتى آذتهم الشمس، ثم نزل بالناس فلم يلبثوا أن وجدوا مس الأرض فوقعوا نياما. وإنما فعل ذلك رسول الله (ص) ليشغل الناس عن الحديث الذي كان بالأمس من حديث عبد الله بن أبي) (٤).


(١) إمتاع الأسماع للمقريزي / ٢٠٣.
(٢) البداية والنهاية لابن كثير / ٤/ ١٧٩.
(٣) إمتاع الأسماع / ٢٠٢.
(٤) السيرة النبوية لابن هشام ٢/ ٢٩٢.

<<  <   >  >>