للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال خالد بن عبد الله المصلح (الدرس الثالث من دروس الطحاوية):

وإذا نظرنا إلى نصوص الكتاب والسنة لم نجد فيهما ما يدل على نفي المشابهة، إنما الذي في الكتاب والسنة هو نفي المثلية ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١]، ولذلك ذهب جماعة من المحققين من أهل العلم إلى أن الذي ينفى عن الله ﷿ هو المثل لا الشبه.

ثم هو منقوض بما أثبتوه من الصفات - مع زعمهم- عدم المشابهة".

وهذا الكلام موافق لما قاله أهل السنة والجماعة، يقول أبو عمر الطلمنكي (١) : "قال قوم من المعتزلة والجهمية: لا يجوز أن يسمى الله ﷿ بهذه الأسماء على الحقيقة، ويسمى بها المخلوق. فنفوا عن الله الحقائق من أسمائه وأثبتوها لخلقه.

فإذا سئلوا: ما حملهم على هذا الزيغ؟ قالوا: الاجتماع في التسمية يوجب التشبيه.

قلنا: هذا خروج عن اللغة التي خوطبنا بها، لأن المعقول في اللغة أن الاشتباه في اللغة لا يحصل بالتسمية، وإنما تشبيه الأشياء بأنفسها أو بهيئات فيها، كالبياض بالبياض، والسواد بالسواد، والطويل بالطويل، والقصير بالقصير، ولو كانت الأسماء توجب اشتباهاً لاشتبهت الأشياء كلها لشمول اسم الشيء لها وعموم تسمية الأشياء به، فنسألهم: أتقولون إن الله موجود؟ فإن قالوا: نعم، قيل لهم: يلزمكم على دعواكم أن يكون مشبهاً للموجودين. وإن قالوا: موجود ولا يوجب وجود الاشتباه بينه وبين الموجودات.

قلنا: فكذلك هو حي، عالم، قادر، مريد، سميع، بصير، متكلم، يعني ولا يلزم "من ذلك" اشتباهه بمن اتصف بهذه الصفات. " (٢).

ثالثا: أن أهل السنة والجماعة لا يقولون أبداً بأن حقيقة صفات الله ﷿ كحقيقة صفات المخلوق - كما زعم الكاتب- فالحقائق مختلفة، والله ﷿ ليس كمثله شيء، وله ذات -سبحانه- لا كالذوات، فحقائق صفات الله ليست معلومة؛ بل بعض حقائق مخلوقات


(١) أحمد بن محمد بن عبد الله الأندلسي، إمام مقرئ محدث، صنف كتبا كثيرة في السنة، منها: الوصول إلى معرفة الأصول في مسائل العقود في السنة، والرسالة المختصرة في مذاهب أهل السنة، توفي سنة: ٤٢٩ هـ. انظر: شذرات الذهب: ٣/ ٢٤٣، وسير أعلام النبلاء: ١٧/ ٥٦٦.
(٢) العلو: ٢٦٤.

<<  <   >  >>