للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اليدين لله تعالى: " باب ذكر قول الله ﷿: ﴿مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [ص: ٧٥]، وذكر ما يُستدل به من كلام النبي على أن الله جل وعز خلق آدم بيدين حقيقة.

وقال في إثبات الوجه لله تعالى: " باب قول الله جل وعز: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [القصص: ٨٨]، وقال الله ﷿: ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (٢٧)[الرحمن: ٢٧]، وذكر ما ثبت عن النبي مما يدل على حقيقة ذلك " (١).

وقال الإمام الحافظ أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر الأندلسي القرطبي المالكي (٤٦٣ هـ) (٢): " ومن حق الكلام أن يُحمل على حقيقته، حتى تتفق الأمة أنه أريد به المجاز؛ إذ لا سبيل إلى اتباع ما أنزل إلينا من ربنا إلا على ذلك، وإنما يوجه كلام الله ﷿ إلى الأشهر والأظهر من وجوهه، ما لم يمنع من ذلك ما يجب له التسليم. ولو ساغ ادعاء المجاز لكل مدع ما ثبت شيء من العبارات، وجلَّ الله ﷿ عن أن يخاطب إلا بما تفهمه العرب في معهود مخاطباتها مما يصح معناه عند السامعين، والاستواء معلوم في اللغة ومفهوم، وهو العلو والارتفاع على الشيء والاستقرار والتمكن فيه" (٣).

رابعا: أن أهل السنة والجماعة مجمعون على إثبات الصفات لله ﷿ على الحقيقة مع نفي المماثلة للمخلوق، قال الإمام الحافظ ابن عبد البر : " أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها، وحملها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لا يكيفون شيئا من ذلك، ولا يحدون فيه صفة محصورة، وأما أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلها والخوارج فكلهم ينكرها، ولا يحمل شيئا منها على الحقيقة، ويزعمون أن من أقر بها مشبه، وهم عند من أثبتها نافون للمعبود. والحق فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله


(١) الرد على الجهمية: ٦٨، ٩٤.
(٢) أبو عمر يوسف بن عبد الله النمري القرطبي المالكي، من كبار حفاظ الحديث، ومؤرخ أديب، ولد سنة ٣٦٨ هـ بقرطبة، رحل كثيراً، وتولى القضاء، له مؤلفات كثيرة، منها: التمهيد والاستيعاب، توفي بشاطبة سنة ٤٦٣ هـ. انظر: سير أعلام النبلاء: ١٨/ ١٥٣، والديباج المذهب: ٢/ ٣٦٧.
(٣) التمهيد: ٧/ ١٣١، وانظر: العلو: ٢٣٩، ٢٥٠.

<<  <   >  >>