للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والكرب ما لا يطيقون، فيقولون: من يشفع لنا إلى ربنا حتى يفصل بين العباد، يتمنون التحول من هذا المكان، فيأتي الناس إلى الأنبياء فيقول كل واحد منهم: لست لها، حتى إذا أتوا إلى نبينا فيقول: «أنا لها، فأنطلق فأستأذن على ربي، فيؤذن لي، فأقوم بين يديه فأحمده بمحامد لا أقدر عليه الآن، يلهمنيه الله، ثم أخر له ساجدا، فيقال لي: يا محمد، ارفع رأسك، وقل: يسمع لك، وسل تعطه، واشفع تشفع» (١). فيشفع لهم في فصل القضاء، فهذه الشفاعة العظمى، وهي من خصائص النبي ، وهي من أعظم الكرامات له .

خامسا: قول الكاتب: " مع أن النبي حي في قبره يصلي، وتعرض عليه أعمال أمته".

أما حياة النبي في قبره وصلاته فهي ثابتة، قال : «الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون» (٢)، وهي حياة برزخية الله أعلم بكيفيتها.

أما عرض أعمال أمته عليه فلم يثبت بذلك دليل لا من الكتاب ولا من السنة، إلا الصلاة عليه . وحديث عرض الأعمال عليه ضعيف بجميع طرقه (٣)، ومعارض بحديث: «ليردن علي ناس من أصحابي الحوض، حتى عرفتهم اختلجوا دوني، فأقول: أصحابي، فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك» (٤). ولو كانت الأعمال تعرض عليه، لم يُقال له: «إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك».

سادسا: قول الكاتب: "قد ثبت أن أحد الصحابة طلب الشفاعة من النبي في الدنيا، فقد روى الترمذي عن أنس قال: سألت النبي أن يشفع لي يوم القيامة، فقال: «أنا فاعل» (٥) … ".


(١) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، برقم (٣٢٦).
(٢) رواه البزار، برقم (٢٥٦). وحسنه الألباني. انظر: السلسلة الصحيحة، برقم (٦٢١).
(٣) انظر: السلسلة الضعيفة، برقم (٩٧٥).
(٤) صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب الحوض، برقم (٦٥٨٢).
(٥) سنن الترمذي، أبواب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله ، باب ما جاء في شأن الصراط، برقم (٢٤٣٣). وقال: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. ومسند الإمام أحمد، برقم (١٢٨٢٥). وقال محققو الكتاب: رجاله رجال الصحيح، ومتنه غريب. وصححه الألباني. انظر: مشكاة المصابيح، كتاب أحوال القيامة وبدء الخلق، باب الحوض والشفاعة، برقم (٥٥٩٥)، والسلسلة الصحيحة (٢٦٣٠).

<<  <   >  >>