فهل وجود صورة لكتاب الإمام ﵀ تدل على انتسابهم لدعوته؟! وهل يوجد في كتاب التوحيد نص واحد يؤيد ما يقوم به خوارج العصر من التفجير والتدمير والخروج على الأئمة؟!
ثم هؤلاء الخوارج عندهم الكتاب والسنة، ويوزعون المصاحف وكتب الحديث؟ فهل هذا يعني أن الكتاب والسنة يأمران بما يقومون به من الإرهاب واستباحة الدماء المعصومة؟
فالعبرة بالحقائق والمعاني لا بالانتساب والدعايات والشعارات، فهل الخوارج يقولون بما يقوله أئمة الدعوة في كتبهم، قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ﵀ بعد أن ذكر النصوص في وجوب السمع والطاعة للأئمة:"إذا فهم ما تقدم من النصوص القرآنية، والأحاديث النبوية، وكلام العلماء المحققين، في وجوب السمع والطاعة لولي الأمر، وتحريم منازعته والخروج عليه، وأن المصالح الدينية والدنيوية لا انتظام لها إلا بالإمامة والجماعة، تبين أن الخروج عن طاعة ولي الأمر، والافتيات عليه، بغزو أو غيره، معصية ومشاقة لله ورسوله، ومخالفة لما عليه أهل السنة والجماعة"(١).
خامسا: أن قولهم بأن زعماء الخوارج يعتمدون على كتب أئمة الدعوة في الفتيا، -على فرض التسليم به- فإنه منهج غير صحيح للفتيا، وطريق غير مستقيم للعلم؟ وبذلك ضلو وأضلوا؛ فإن الفتيا تختلف باختلاف الزمان والمكان. فعلماء وأئمة الدعوة لم يشاهدوا واقعنا؟ وهل هم على علمٍ بنا وباعدائنا؟ وهل المؤثرات على الفتيا عندنا وفي عهدنا هي المؤثرات نفسها على الفتيا عندهم وفي عهدهم؟.
يوضح ذلك أمران:
الأول: أن العلماء السالفين مهما علت أقدارهم لا يقومون مقام العلماء الأحياء، مصداق ذلك فيما رواه الشيخان عن عبد الله بن عمرو بن العاص ﵁ أن النبي ﷺ قال: «إن الله لا ينتزع العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الرجال ولكن ينتزع العلم بقبض العلماء حتى إذا لم
(١) الدرر السنية: ٩/ ١١٩. وانظر: مجموعة الرسائل والمسائل: ١/ ٥٥٩، وجهود أئمة الدعوة في تقرير مسائل الصحابة وآل البيت والإمامة والولاية والرد على المخالفين في ذلك: ٣٢١ وما بعدها.