للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولا: أن إتهام دعوة الإمام وغيرها من الدعوات الإصلاحية التي على منهج السلف الصالح بأنها حركة سياسية، من التلبيس على العوام الذين يريدون به صد الناس عن الإسلام الصحيح؛ فإن الدين الإسلامي خاتم الأديان الذي ارتضاه الله لعباده؛ كما قال تعالى: ﴿وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: ٣] قد جاء كاملا شاملا لكل نواحي الحياة: الدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية .. الخ.

ولهذا فقد اجتهدوا في الترويج لهذه الفكرة وما يدعمها من شعارات ومصطلحات، كما يقول أحدهم: " أراد الله للإسلام أن يكون دينًا، وأراد به الناس أن يكون سياسة! " (١)، وجعلوها حيلة يحتالون بها على إنكارهم للدين والصد عنه (٢).

ثانيا: أن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب ، دعوة جامعة للأمور الدينية والسياسية معا؛ لأن الإسلام بطبيعته دين ودولة (٣)، والإصلاح الذي نادت به الدعوة لم يكن الغرض منها دينياً محضاً، فحقيقة أن الدعوة اهتمت بالإصلاح الديني - وهو الأصل- أكثر من اهتمامها بالإصلاحات الأخرى؛ لأنه هو الأصل، ولأن الانحراف الديني في العالم الإسلامي في ذلك الوقت يفوق تدهوره السياسي، وفوق هذا وذاك فإن إصلاح العقيدة الإسلامية في نفوس المجتمع الإسلامي أساس كل إصلاح (٤).

فالإمام "محمد بن عبد الوهاب من ناحية العقيدة ليس بمبتدع، فهو من ناحية السياسة مجدد مبدع (٥)، لقد استطاع أن يوقف حركة التاريخ، ويلوي عنق الأحداث التي كانت تدفع العالم الإسلامي دفعاً إلى التغريب" (٦).


(١) انظر: الإسلام السياسي للعشماوي: ٧.
(٢) انظر: الإسلام السياسي لجعفر شيخ إدريس: ١٥، ضمن مجلة البيان، العدد (٢٠٢).
(٣) حقيقة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأثرها في العالم الإسلامي، ضمن مجلة البحوث الإسلامية، العدد (٢١): ١٢٨، كتاب الفكر العربي في مائة سنة: ٢٧٧، ودعوة حركة الإصلاح السلفي، المجلة التاريخية المصرية: ١/ ٩٠.
(٤) انظر: داعية التوحيد محمد بن عبد الوهاب: ١١.
(٥) انظر: تطبيقات السياسة الشرعية عند الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب لمصعب الخالدي.
(٦) السعوديون والحل الإسلامي: ١٠٩.

<<  <   >  >>