للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثا: أن الاستعانة بقوة السلطان لنجاح الدعوة من منهج النبوة، ومن حكمة الإمام محمد بن عبد الوهاب، " لكي تنجح دعوته في منطقة تعمها الفوضى الدينية والاجتماعية والسياسية.

وكان من الصعب -والحالة هذه من الفوضى- الوصول إلى أي خطوة عملية مؤثرة في التغيير، والإصلاح بالجهد الدعوي المجرد، ومن هنا اتجه الإمام محمد بن عبد الوهاب بعزمه وطموحه؛ ليضع يده في يد أولي الأمر أصحاب السلطة والحكم، الذين آمنوا بالعقيدة والشريعة، وسعوا إلى توحيد الجزيرة العربية كلها تحت راية واحدة، مدركاً كل الإدراك، وواعياً كل الوعي، أنه ليس من السهل نشر الدعوة في البلاد القاصية والدانية في مدة قصيرة أو معقولة، إلا بحماية أمير ذي قوة ونفوذ، بمساعدته ومساعدة رجال دولته.

لقد فطن الشيخ إلى الفروق الكبيرة بين دعوة لا تؤازرها قوة الحكم، مثلما كان حال المسلمين والرسول في مكة، ودعوة يعضدها الحكم، ويهيئ لها أسباب حمل الرسالة، ويضع كل إمكانات دولته في خدمة الدعوة، وذلك مثل حال المسلمين في المدينة بعد الهجرة بقيادة رسول الله ، فالفرق كبير بين الحالين والجهدين، والنتائج جد مختلفة" (١).

رابعا: يكاد الباحثون يتفقون على ندرة ما كتب عن تاريخ نجد - قبل دعوة الإمام- وقلة المعلومات التاريخية عن أحوال نجد آنذاك (٢). فهي تعيش مرحلة من التاريخ مجهولة، إلا نتفاً ضئيلة من بعض أقوال المؤرخين (٣). وهذا مما يؤكد أن نجدا لم يكن لها أي دور سياسي قبل دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب.

يقول أمين سعيد (٤): "ولقد حاولنا كثيراً من خلال دراستنا لتاريخ الدولتين الأموية


(١) تأملات في دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب: ٩٢ - ٩٣.
(٢) انظر: علماء نجد خلال ثمانية قرون: ١/ ١١، ١٢، ١٤، ومقدمة عبد الله الشبل للأخبار النجدية: ٣، وتاريخ ابن ربيعة: ١١، التعليم في نجد قبل دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ضمن مجلة كلية الشريعة بالأحساء، العدد (٢)، السنة (٢): ٥٠١.
(٣) انظر: مدينة الرياض عبر أطوار التاريخ: ٦٩.
(٤) أمين بن محمد سعيد بن حسن سعيد: صحفي مؤرخ من أهل اللاذقية. له عدة مؤلفات، منها: الثورة العربية الكبرى، وملوك المسلمين المعاصرون ودولهم، وثورة جمال عبد الناصر، وتاريخ الدولة السعودية، وتاريخ الإسلام السياسي، وأيام بغداد. توفي سنة ١٣٨٧ هـ. انظر: الأعلام: ٢/ ٢٠ - ٢١.

<<  <   >  >>