للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن فارس : "والكفر ضد الإيمان، سمي لأنه تغطية الحق" (١).

والكفر أصغر وأكبر، فالأكبر الكفر بأصل الإيمان، والأصغر مادون ذلك مما لا يخرج به عن أصل الإيمان، "وقيل: الكفر على أربعة أنحاء: كفر إنكار: بألا يعرف الله أصلا ولا يعترف به، وكفر حجود، ككفر إبليس يعرف الله بقلبه ولا يعترف بلسانه وكفر عناد، وهو أن يعترف بقلبه ويعترف بلسانه ولا يدين به حسدا وبغيا ككفر أبي جهل وأضرابه، وكفر نفاق، وهو أن يقر بلسانه ولا يعتقد بقلبه.

وعن ابن عباس أن الأوس والخزرج ذكروا ما كان منهم في الجاهلية فثار بعضهم إلى بعض بالسيوف فأنزل الله تعالى: ﴿وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ﴾ [آل عمران: ١٠١]. ولم يكن ذلك على الكفر بالله ولكن على تغطيتهم ما كانوا عليه من الألفة والمودة (٢).

ومنه حديث ابن مسعود : «إذا قال الرجل للرجل: أنت لي عدو، فقد كفر أحدهما بالإسلام» (٣)، أراد كفر نعمته؛ لأن الله أَلَّف بين قلوبهم فأصبحوا بنعمته إخوانًا، فمن لم يعرفها فقد كفره.

ومنه قوله : «فرأيت أكثر أهلها النساء لكفرهن»، قيل: أيكفرن بالله؟ قال: «لا، ولكن يكفرن الإحسان، ويكفرن العشير» (٤)، أي: يجحدن إحسان أزواجهن.

وأحاديث من هذا النوع كثيرة، وأصل الكفر تغطية الشيء تغطية تستهلكه" (٥).


(١) مقاييس اللغة: ٥/ ١٩١.
(٢) انظر: الجامع لأحكام القرآن: ٤/ ١٥٦.
(٣) السنة للخلال: ٥/ ١٦.
(٤) صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب كفران العشير، وكفر دون كفر، برقم: ٢٩، وصحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب نقصان الإيمان ينقص بالطاعات، برقم: ١٣٢.
(٥) النهاية في غريب الحديث والأثر: ٤/ ١٨٦ باختصار.

<<  <   >  >>