للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمر الثاني: انطباق الحكم على الشخص المعين بحيث تتم شروط التكفير في حقه وتنتفي الموانع … " (١).

ولذا فإن التسرع في التكفير يتيرتب عليه أمور خطيرة، من استحلال الدم والمال ومنع التوارث وفسخ النكاح وغيرها مما يترتب على الردة، فكيف يسوغ للمؤمن أن يقدم عليه لأدنى شبهة، وإذا كان هذا في ولاة الأمور كان أشدَّ لما يترتب عليه من التمرد عليهم وحمل السلاح عليهم وإشاعة الفوضى، وسفك الدماء وفساد العباد والبلاد، قال الله ﷿: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٣)[الأعراف: ٣٣] " (٢).

وعلى هذه العقيدة في مسألة التكفير كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب وكذا أتباعه من بعده وأنصار دعوته، واعتنوا بها عناية فائقة، ووضحوا ما أشكل فيها، وبينوها، وفصلوها تفصيلا شافياً كافياً.

فكان الإمام يحذر من نواقض الإيمان ومبطلاته، ويبينها، ويبعدها عن المسلمين، ويبعد المسلمين عنها (٣)، ويحذر من تكفير المسلمين أشد تحذير، وينهى عنه، ويرد على من نسبه للتكفير، ويبين عقيدة أهل السنة في ذلك.

وهذه بعض النقول عن الإمام التي تدل على موافقته لمنهج أهل السنة والجماعة في التكفير:

أولاً: أن التكفير من الأحكام الشرعية، فلا يحل لأحد أن يطلقه على أحد لمجرد الظن والهوى، قال : " من أظهر الإسلام وظننا أنه أتى بناقض لا نكفره بالظن، لأن اليقين لا يرفعه الظن، وكذلك لا نكفر من لا نعرف منه الكفر بسبب ناقض ذُكر عنه ونحن لم نتحققه" (٤).


(١) مجموع رسائل وفتاوى ابن عثيمين: ٢/ ١٣٣ - ١٣٤.
(٢) مجلة البحوث الإسلامية، العدد (٥٦): ٣٥٦.
(٣) عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية: ٢/ ٥٢٦.
(٤) الرسائل الشخصية: ٣/ ٢٤.

<<  <   >  >>