للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتعارض مع بعضه، ومن توهم ذلك، فإنما أوتي من سوء فهمه للنصوص الشرعية.

فإذا كان كلام الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، قد استدل به أقوام -حسب فهمهم- على فكرهم المنحرف، فكيف بكلام عالم من العلماء، يخطى ويصيب؟ لا شك أن التجني عليه، وتأويل كلامه، من باب أولى.

رابعا: لو فرض وجود خطأ أو تجاوز أو تصرف من بعض من ينتسب إلى الإسلام فإنه لا يحمل على الإسلام؛ فكذلك إذا وجد خطأ أو تجاوز أو تصرف من بعض من ينتسب إلى دعوة الامام؛ فإنه لا يجوز نسبة ذلك إلى دعوة الإمام، ولا أن تتحمل الدعوة خطاءه.

يقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آ ل الشيخ عن الإمام محمد: "وما حدث بعده أو في وقته من خطأ، أو تعد، فلا يجوز نسبته إليه، وأنه أمر به ورضيه، وقد جرى لأسامة بن زيد في دم الجهني، وجرى لخالد بن الوليد في دماء بني جذيمة وأموالهم، ما لا يجهله أهل العلم والإيمان، وذلك في عهده ، وقد برئ منه وأنكره، فقال: «اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد» (١). وقال لأسامة: «أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟ كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟» (٢) … إلى أن قال: وبالجملة، فالواجب أن يتكلم الإنسان بعلم وعدل، ومن فاته العلم فحسبه السكوت إن كان يؤمن بالله وباليوم الآخر، ومن خلع ربقة الدين من عنقه، فليقل ما شاء الله، والله بما يعملون بصير" (٣).

خامسا: أن سبب نسبتهم للتكفيرين لدعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب مع وجود ووضوح الفرق بينهما هو الجهلُ بالأحكام الشرعية، أو الجهل بدعوة الإمام المجدد أو الجهل بحال التكفريين، وذلك أنهم لما رأوا الإمام محمد بن عبد الوهاب كفّر من يستحق ذلك، ورأوا التكفريين كفروا؛ ألحقوا هؤلاء التكفريين بدعوة الإمام، وزاد اللبس أنهم رأواهم طبعوا كتاب التوحيد للإمام محمد بن عبد الوهاب، بل ويردد جمع منهم بعض كلمات الإمام.

وهذا مردود لأن التكفير بحق لا تمنعه الشريعة، وله أسبابه ودوافعه عند الإمام محمد بن


(١) صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب بعث النبي خالد بن الوليد إلى بني جذيمة، برقم: ٤٣٣٩.
(٢) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال: لا إله إلا الله، برقم: ٩٧.
(٣) منهاج التأسيس: ٢٨.

<<  <   >  >>