عبد الوهاب، وهي أسباب ودوافع حقٍ شرعاً بخلاف هؤلاء التكفريين، ويلزم على قولهم أيضا إلحاق هؤلاء التكفريين المكفرين بغير حق بكل من كفر بحق من الصحابة والأئمة وغيرهم.
وهذا ما لا يصح بحال؛ لأن مقتضاه المساواة بين الحق والباطل، قال تعالى: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (١٩) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (٢٠) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (٢١) وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ﴾ [فاطر: ١٩ - ٢٢].
سادسا: أن مطلق الاشتراك بين طائفتين لا يلزم أنهما سواء؛ ما لم يكن الاشتراك فيما هو موجب لتحزب هذه الطائفة أو سبب لتفرقها، ولو كان مطلق الاشتراك كافياً لألحق الرافضة بأهل السنة؛ لأنهما يحبان علي بن أبي طالب وآل البيت.
فعلى هذا لا يصح أن يلحق التكفريون بدعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب لمطلق الاشتراك في التكفير، فلا يلحق التكفير بالباطل الذي نهت عنه الشريعة بالتكفير بحق الذي جاءت به الشريعة.
سابعا: أن استدلالهم ببعض كلام الإمام محمد بن عبد الوهاب قد يكون من الحق الذي عندهم، فليس كل ما عندهم باطل، فبعضهم ينكر الشرك الأكبر وهو صرف العبادة لغير الله وهذا حق، لكن ليس معنى أن عندهم شيئاً من الحق أنهم على الحق، فالنصارى عندهم شيء من الحق كالإقرار بوجود الله لكن عندهم مكفرات كفروا بها، وهكذا يقال في التكفريين عندهم شيء من الحق، لكن عندهم غلو في التكفير مما جعلهم ضلالاً.
ثامنا: أن احتجاج أهل الباطل بأنهم مع أهل الحق لا يلتفت إليه؛ لأنهم لو كانوا معهم لكانوا على الحق؛ لذا قد يخطئون ويظنون هذا كلام أهل الحق وليس كذلك، كما يخطئون في الاستدلال بالأدلة وليست كذلك.
ومن ذلك ما ذكره الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري (١)﵀، حيث قال في
(١) عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الرحمن العنقري، المحدث الفقيه النحوي، له من المؤلفات: حاشية على الروض المربع شرح زاد المستقنع في الفقه الحنبلي، وله تعليقات على نونية الإمام ابن القيم. توفي ١٣٧٣ هـ. انظر: مشاهير علماء نجد: ٢٤٦، وعلماء نجد خلال ثمانية قرون: ٤/ ٢٥٦.