للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فدعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب دعوة للدين كله وأهمه الدعوة إلى التوحيد، وقد ظهر هذا جلياً في مؤلفاته ورسائله وسيرته العلمية والعملية، وهو ظاهر في أبنائه وأنصار دعوته من العلماء والحكام، وهم على هذا المنهج من حماية التوحيد ونشره ومحاربة الشرك ودحره.

وهذا بخلاف التكفيريين الذين دعوتهم دعوة علو في الأرض وفساد فيها: بتكفيرٍ وتفجير وسفك للدماء.

الفرق الثاني: التكفير:

فالإمام محمد بن عبد الوهاب لم يكفر إلا بفعل المكفرات، أما الذنوب فلم يكفر بها، وهذا بخلاف التكفيريين الذين يكفرون بالذنوب.

قال : "قد قدمنا أننا لا نكفر بالذنوب، وإنما نقاتل ونكفر من أشرك بالله، وجعل لله نداً يدعوه كما يدعو الله، ويذبح له كما يذبح لله، وينذر له كما ينذر لله ويخافه كما يخاف الله، ويستغيث به عند الشدائد، وجلب الفوائد، ويقاتل دون الأوثان والقباب المبنية على القبور، التي اتخذت أوثانا تعبد من دون الله" (١).

وقال العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن : "والخوارج كفرت بأمور ظنتها ذنوباً وليست كذلك، وبذنوب محققة دون الشرك والتنديد، وأما الرسل وأتباع الرسل فكفروا من لم يؤمن بالله، أي: بربوبيته، وإلهيته، وتوحيده، وإفراده بالعبادة، ومن جعل له نداً يدعوه ويعبده، ويستغيث به ويتوكل عليه ويعظمه، كما فعلت الجاهلية من العرب، ومشركو أهل الكتاب، فتكفير هؤلاء ومن ضاهاهم وشابههم ممن أتى بقول أو فعل يتضمن العدل بالله، وعدم الإيمان بتوحيده وربوبيته وإلهيته وصفات كماله، والإيمان برسله وملائكته، وكتبه، والإيمان بالبعث بعد الموت، وكل ما شابه هذا من الذنوب المكفرة كما نص عليه علماء الأمة، وبسطوا القول فيه، حتى كفروا من أنكر فرعاً مجمعاً عليه إجماعاً قطعياً، كما مرت حكايته عن الحنابلة.

وأما الخوارج فلم يفصلوا ولم يفقهوا مراد الله ورسوله، فكفروا بكل ذنب ارتكبه المسلم.


(١) الدرر السنية: ١/ ٣١١.

<<  <   >  >>