للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعين (١)، وهذا يخالف ما قاله رعد النعيمي من أنه لا يوجد لشيخ الإسلام ابن تيمية ولا قول واحد في التفريق بين المسائل الظاهرة والمسائل الخفية.

قال في معرض ذمه لأهل الكلام وما يقعون فيه من أعمال أو أقوال كفرية: " وهذا إذا كان في المقالات الخفية؛ فقد يقال: إنه فيها مخطئ ضال لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها، لكن ذلك يقع في طوائف منهم في الأمور الظاهرة التي تَعلمُ العامة والخاصة من دين المسلمين، بل اليهود والنصارى يعلمون أن محمداً بُعث بها وكفر مخالفها مثل أمره بعبادة الله وحده لا شريك له، ونهيه عن عبادة أحد سوى الله من الملائكة والنبيين والشمس والقمر والكواكب والأصنام وغير ذلك، فإن هذا أظهر شعائر الإسلام، ومثل أمره بالصلوات الخمس، وإيجابه لها، وتعظيم شأنها، ومثل معاداته لليهود والنصارى والمشركين، والصابئين والمجوس، ومثل تحريم الفواحش والربا والخمر والميسر ونحو ذلك (٢). ثم تجد كثيراً من رؤسائهم وقعوا في هذه الأمور فكانوا مرتدين؛ وإن كانوا قد يتوبون من ذلك ويعودون إلى الإسلام" (٣).

فهذا النص من أوضح نصوص شيخ الإسلام ابن تيمية في هذه المسألة يستفاد منه، تفريقه بين من وقع منه كفر في المسائل الظاهرة والمسائل الخفية في التكفير، ووصفه لمن وقع منه كفر في المسائل الخفية قبل قيام الحجة بأنه مخطئ ضال، ووصفه لمن وقع في الكفر في المسائل الظاهرة بالردة والخروج عن الإسلام.

وقال أيضا لما تكلم عن كفر تارك الصلاة: "وفي الحقيقة فكل رد لخبر الله، أو أمره، فهو كفر، دق، أو جل، لكن قد يُعفى عمّا خفيت فيه طرق العلم، وكان أمراً يسيراً في الفروع بخلاف ما ظهر أمره، وكان من دعائم الدين من الأخبار والأوامر" (٤).

وقال أيضا عند كلامه عن مسألة التوسل وأنواعه: "ولفظ التوسل قد يراد به ثلاثة أمور،


(١) انظر: عارض الجهل: ٣٧.
(٢) انظر: القواعد لابن رجب: ٣٢٣، وشرح مسلم للنووي: ١/ ٢٠٥، والأشباه والنظائر: ٢٢٠، والإيمان الأوسط: ١٦١، والموسوعة الفقهية: ١٦/ ٢٠٠.
(٣) مجموع الفتاوى: ٤/ ٥٤.
(٤) شرح العمدة بواسطة الدرر السنية: ١٠/ ٣٨٨، ١٢/ ٨٢.

<<  <   >  >>