للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بلغه وتأوله تأويلا فاسدا بشبهة أو بفهم خاطئ (١)، وبسب الإجمال الواقع في هذه الكلمة (فهم الحجة من عدمها) حصل الإشكال عند المناوئين لدعوة الإمام حيث إن لها مفهومين، يختلف حكم كل مفهوم فيه عن الآخر.

قال الشيخ صالح آل الشيخ- حفظه الله-: "فهم الحجة على قسمين: يراد بفهم الحجة فهم معاني الأدلة، فهذا لا بد منه، فلا يُكتفى في إقامة الحجة على أعجمي لا يفهم اللغة العربية بأن تُتلى عليه آية باللغة العربية، وهو لا يفهم معناها، ويقال قد بلغه القرآن والله يقول: ﴿لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾ [الأنعام: ١٩]، هذا ليس بكافٍ، لا بد أن تكون الحجة بلسان من أقيمت عليه ليفهم المعنى، قال سبحانه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾ [إبراهيم: ٤].

المعنى الثاني لفهم الحجة: أن يَفهم كون هذه الحجة أرجح من شبهته التي عنده.

المشركون عندهم علم، وعندهم كتب، وعندهم حجج كما أخبر الله في كتابه. ففهم حجة الرسول، وفهم القرآن، وفهم حجة النبي العقلية التي أدلى بها عليهم بعد الوحي، هذه معناها أن يفهموا المعنى. إذا كانوا هم فهموا المعنى؛ لكن مثل ما يقول القائل: ما اقتنع أن هذه الحجة أقوى من الشبهة التي عنده، فهذا ليس بشرط" (٢).

وقال أيضا: "وتحقيق المقام هنا … أن فهم الحجة نوعان:

النوع الأول: فهم لسان. والنوع الثاني: فهم احتجاج.

أما فهم اللسان؛ فهذا ليس الكلام فيه فإنه شرط في بلوغ الحجة لأن الله جل وعلا قال: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾ [إبراهيم: ٤]، والله جل وعلا جعل هذا القرآن عربيا لتقوم الحجة به على من يفقه اللسان العربي …

والنوع الثاني من فهم الحجة: هو فهم احتجاج، يفهم أن تكون هذه الحجة التي في


(١) انظر: شرح صحيح البخارى لابن بطال: ٨/ ٩٥٠، فتح الباري: ١٢/ ٢٩٩، حاشية السندي على صحيح البخاري: ٤/ ٩٢، والدرر السنية: ١٠/ ٣٦٠، ٤٣٣.
(٢) شرح العقيدة الطحاوية: ١/ ٣٦٥.

<<  <   >  >>