للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه" (١). فانظر قوله: "ولو أمكن يوجد أحد يدين بهذا لم يبلغة قط خلافه" فجعل الجهل مع العجز عن إزالته مانع من تكفيره حتى تقوم عليه الحجة.

وقال ابن العربي المالكي : " فالجاهل والمخطئ من هذه الأمة ولو عمل من الكفر والشرك ما يكون صاحبه مشركاً وكافراً؛ فإنه يعذر بالجهل والخطأ، حتى يتبين له الحجة التي يكفر تاركها بياناً واضحاً ما يلتبس على مثله" (٢). فاشترط في قيام الحجة البيان الواضح الذي لا لبس فيه.

وقد ذكر ابن القيم فرقا بين عاجز محب للهدى، غير قادر عليه، ولا على طلبه، وبين عاجز معرض لا إرادة له، ولا يحدث نفسه بغير ما هو عليه، فقال: "وهذا لا يجب أن يلحق بالأول لما بينهما من الفرق، فالأول: كمن طلب الدين في الفترة ولم يظفر به، فعدل عنه بعد استفراغ الوسع في طلبه عجزاً وجهلاً. والثاني: كمن لم يطلبه بل مات على شركه، وإن كان لو طلبه لعجز عنه، ففرق بين عَجْز الطالب وعَجْز المعرض، فتأمل هذا الموضع" (٣).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : "العذر لا يكون عذرا إلا مع العجز عن إزالته وإلا فمتى أمكن الإنسان معرفة الحق فقصر فيها لم يكن معذورا" (٤).

وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ : "وينبغي أن يعلم الفرق بين قيام الحجة وفهم الحجة، فإن من بلغته دعوة الرسل فقد قامت عليه الحجة، إذا كان على وجه يمكن معه العلم، ولا يشترط في قيام الحجة أن يفهم عن الله ورسوله ما يفهمه أهل الإيمان، والقبول، والانقياد لما جاء به الرسول " (٥).

وقال الشيخ حمد بن معمر : "وليس المراد بقيام الحجة أن يفهمها فهماً جلياً كما


(١) الفصل في الملل والأهواء والنحل: ٣/ ١٣٩. وانظر المحلى: ١٠/ ٤١٠.
(٢) انظر: محاسن التأويل: ٥/ ١٣٠٧.
(٣) طريق الهجرتين: ٦١٠.
(٤) مجموع الفتاوى: ٢٠/ ٢٨٠.
(٥) منهاج التأسيس: ٢٥١. وانظر: مصباح الظلام: ٣٢٥.

<<  <   >  >>