للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تقوم إذا لم يفهم فهماً ناشئاً عن عجز إذا بذل وسعه في طلبه، بخلاف من لا يكفر عباد الأضرحة والقبور؛ بحجة أنهم لم يفهموا مع إعراضهم عن دلالة القرآن، وصم آذانهم عن حججه.

سادسا: أنه ليس في كلام الله وكلام رسوله تعارض، وما قد يقع لبعض الأفهام من ظن التعارض فهو من نقص الفهم؛ وإلا من يجمع النصوص وينزلها منزلتها، ويرد المتشابه إلى المحكم يزول عنه هذا التعارض، فكذلك في كلام الإمام ؛ فإنه لا بد من جمع كلامه وتنزيله مواقعه، والرجوع إلى فهم تلامذته، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : " فإنه يجب أن يفسر كلام المتكلم بعضه ببعض، ويؤخذ كلامه هاهنا وهاهنا، وتعرف ما عادته يعنيه ويريده بذلك اللفظ إذا تكلم به، وتعرف المعاني التي عُرفَ أنه أرادها في موضع آخر، فإذا عُرف عُرفُه وعادته في معانيه وألفاظه، كان هذا مما يستعان به على معرفة مراده.

وأما إذا استعمل لفظه في معنى لم تجر عادته باستعماله فيه، وترك استعماله في المعنى الذي جرت عادته باستعماله فيه، وحمل كلامه على خلاف المعنى الذي قد عُرف أنه يريده بذلك اللفظ بجعل كلامه متناقضا، وترك حمله على ما يناسب سائر كلامه، كان ذلك تحريفا لكلامه عن موضعه، وتبديلا لمقاصده وكذبا عليه" (١).

سابعا: أن قيام الحجة أحد شروط تكفير المعين، ولذلك بين العلماء ضرورة بلوغ الحجة للمعين، وثبوتها عنده وتمكنه من معرفتها، وكل ذلك لا يتم إلا بوجود من يحسن إقامة الحجة، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : "وهكذا الأقوال التي يكفر قائلها: قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق، وقد تكون عنده ولم تثبت عنده، أو لم يتمكن من فهمها، وقد يكون قد عرضت له شبهات يعذره الله بها، فمن كان من المؤمنين مجتهداً في طلب الحق


(١) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح: ٤/ ٤٤.

<<  <   >  >>