للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حقيقة هذه الدعوى:

إتهام دعوة الإمام بتكفير المعين، دون توفر شروط ونتفاء موانع، ودون تثبت، وأن هذا الأمر - حسب زعمهم- تسرب للغلاة وتأثروا به، وساهم في تشكيل الشخصية التكفيرية.

الجواب عن هذه الدعوى:

أولا: أن منهج السلف عدم تكفير المعين إلا بتوفر شروط وانتفاء موانع، وقد سبق بيان ذلك في المبحث الثاني من هذا الفصل.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وليس لأحد أن يكفر أحداً من المسلمين، وإن أخطأ وغلط، حتى تقام عليه الحجة، وتُبين له المحجة، ومن ثبت إسلامه بيقين، لم يزل ذلك عنه بالشك، بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة، وإزالة الشبهة" (١).

ثم يقول: "إن التكفير له شروط وموانع قد تنتفي في حق المعين، وإن تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المعين، إلا إذا وجدت الشروط، وانتفت الموانع، يبين هذا أن الأمام أحمد وعامة الأئمة الذين أطلقوا هذه العمومات، لم يكفروا أكثر من تكلم بهذا الكلام - يعني القول بخلق القرآن- بعينه" (٢).

ثانيا: أن الإمام محمد بن عبد الوهاب سار على منهج السلف في تكفير المعين (٣)، وتكفير المعين لابد فيه من توفر شروط وانتفاء موانع. حيث يقرر الإمام محمد بن عبد الوهاب أن الحكم على المعين مرتبط بضوابط شرعية، فلا يمكن أن يكون الحكم على الناس، مبني على ظنون وأوهام، أو دعاوى لا يملكون عليها بينات.

قال : "وأما ما ذكر الأعداء عني أني أكفّر بالظن والموالاة، أو أكفر الجاهل الذي لم تقم عليه الحجة، فهذا بهتان عظيم، يريدون به تنفير الناس عن دين الله ورسوله" (٤).


(١) مجموع الفتاوى: ١٢/ ٤٦٦.
(٢) المرجع السابق: ١٢/ ٤٨٧.
(٣) انظر: التقرير في بيان أحكام التكفير: ١٣٣ - ٢٣٥. ومنهج الإمام محمد بن عبد الوهاب في مسألة التكفير: ٨٤ - ١٤٠.
(٤) مؤلفات الشيخ: ٥/ ٢٥.

<<  <   >  >>