للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الباب: كحلفهم بآبائهم، وحلفهم بالكعبة، وقولهم: ما شاء الله وشاء محمد، وقولهم: اجعل لنا ذات أنواط، ولكن إذا بان لهم الحق اتبعوه، ولم يجادلوا فيه حمية الجاهلية، لمذهب الآباء والعادات" (١).

وقال أيضا: "وكذلك لا خلاف في أن الذين نهاهم النبي لو لم يطيعوه، واتخذوا ذات أنواط بعد نهيه لكفروا، وهذا هو المطلوب، ولكن القصة تفيد أن المسلم، بل العالم قد يقع في أنواع من الشرك وهو لا يدري عنها، فتفيد لزوم التعلم والتحرز، ومعرفة أن قول الجاهل، التوحيد فهمناه، أن هذا من أكبر الجهل، ومكايد الشيطان.

وتفيد أيضاً: أن المسلم المجتهد إذا تكلم بكلام كفر، وهو لا يدري، فنُبه على ذلك، فتاب من ساعته، أنه لا يكفر، كما فعل بنو إسرائيل، والذين سألوا النبي " (٢).

رابعا: قد اعتبر الإمام محمد بن عبد الوهاب الإكراه مانعاً من موانع التكفير. يدل على ذلك أنه لما ذكر نواقض الإسلام العشرة قال: "ولا فرق في جميع هذه النوا قض بين الهازل والجاد والخائف إلا المكره" (٣).

وأيضاً: لما ذكر الآية: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٠٦)[النحل: ١٠٦]، ذكر فوائد الآية، ومنها قوله "استثناء المكره المطمئن" (٤)، وسواء كان الإكراه بالقول أو الفعل، فان ذلك يعتبر عذراً عند الإمام محمد بن عبد الوهاب، حيث قال بعد أن ذكر أن المكره معذور: "ومعلوم أن الإنسان لا يكره إلا على الكلام أو الفعل، أما اعتقاد القلب فلا يكره عليها أحد" (٥).


(١) مؤلفات الشيخ: ٣/ ٣٧.
(٢) المرجع السابق: ١/ ١٧٥.
(٣) المرجع السابق: ٥/ ٢١٤.
(٤) المرجع السابق: ٤/ ٢٢٩.
(٥) المرجع السابق: ١/ ١٨٠.

<<  <   >  >>