للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خامسا: أن الإمام محمد بن عبد الوهاب بيّن أن المخطئ معذور، ولهذا ينبغي مناظرته حتى يرجع إلى الحق، بخلاف أهل التأويل الفاسد، قال في ذكر فوائد قصة آدم وإبليس: " ومنها: أن التأويل الفاسد في رد النصوص ليس عذراً لصاحبه، كما أنه سبحانه لم يعذر إبليس في شبهته التي أبداها، كما لم يعذر من خالف النصوص متأولاً مخطئاً، بل كان ذلك التأويل زيادة في كفره.

ومنها: أن مثل هذا التأويل ليس على أهل الحق أن يناظروا صاحبه، ويبينوا له الحق، كما يفعلون مع المخطئ المتأول، بل يبادر إلى عقوبته بالعقوبة التي يستحقها بقدر ذنبه، وإلا أُعرض عنه إن لم يقدر عليه، كما كان السلف الصالح يفعلون هذا وهذا، فإنه سبحانه لما أبدى له إبليس شبهته فعل به ما فعل، ولما عتب على الملاثكة في قيلهم أبدى لهم شيئاً من حكمته وتابوا، وقد وقعت هذه الثلاث لرسول الله في غزوته التي فتح الله فيها مكة، فانه لما أعطى المؤلفة قلوبهم فوجدت عليه الأنصار، عاتبهم، واعتذروا، وقبل عذرهم، وبين لهم شيئاً من الحكمة، ولما قال له ذلك الرجل العابد (١): اعدل قال له كلاماً غليظاً، واستأذنه بعض الصحابة في قتله، ولم ينكر عليه، لكن ترك قتله لعذر ذكره، ولما فعل خالد بن الوليد ببني جذيمة ما فعل، رد عليهم ما أخذ منهم ووداهم (٢)، ولا نعلم أنه عاتب خالداً، ولا منعه ذلك من تأميره على الناس" (٣).

سادسا: أن الإمام محمد بن عبد الوهاب يعذر الجاهل عند عدم وجود من ينبهه؛ فعذره لمن اجتهد فأخطأ من باب أولى وأحرى كما في قوله "وإذا كنا لا نكفر من عبد الصنم الذي على قبر عبد القادر، أو الصنم الذي على قبر أحمد البدوي وأمثالهما، لأجل جهلهم، وعدم من ينبههم" (٤).


(١) صحيح البخاري، كتاب استتابة المرتدين، باب من ترك قتال الخوارج للتأليف، برقم: ٦٩٣٣.
(٢) صحيح البخاري، كتاب الأحكام، باب إذا قضى الحاكم بجور فهو، برقم: ٧١٨٩.
(٣) مؤلفات الشيخ: ٤/ ٩٢.
(٤) المرجع السابق: ٣/ ١١.

<<  <   >  >>