للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[التكوير: ٢٨ - ٢٩].

فالله أثبت للعبد مشيئة وقدرة واختيارًا وأرجع ذلك وربطه بمشيئة ، فقوله تعالى: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ﴾ ردٌ على الجبرية، وقوله تعالى: ﴿إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ ردٌ على القدرية.

وقد عقد الإمام اللالكائي بابًا في سياق ما نقل من إجماع الصحابة والتابعين والخالقين لهم من علماء الأمة "أن أفعال العباد مخلوقة لله ﷿ وطاعاتها ومعاصيها" (١).

وأهل السنة والجماعة وسط في نصوص الوعد والوعيد وأصحاب الكبائر بين المرجئة وبين الخوارج والمعتزلة، فالمرجئة يأخذون بنصوص الوعد ويتركون نصوص الوعيد، ويقولون: لا يضر مع الإيمان معصية، أما الخوارج والمعتزلة فهم على النقيض من المرجئة أخذوا بنصوص الوعيد وتركوا نصوص الوعد وقالوا: إن مرتكب الكبيرة كافر خالد مخلد في النار، وقالت المعتزلة هو في الدنيا في منزلة بين المنزلتين. أما أهل السنة والجماعة فمرتكب الكبائر من المؤمنين، ناقص الإيمان، لا يكفر خلافًا للخوارج، ومعرض للعقاب خلافًا للمرجئة، فجمعوا بين النصوص وعملوا بها كلها فبذلك صاروا وسطًا في هذا الباب بين الوعيدية وبين المرجئة.

قال الإمام أحمد : " ولا يشهد على أهل القبلة بعمل يعمله بجنة ولا نار، يرجو للصالح ويخاف عليه، ويخاف على المسيء المذنب ويرجو له رحمة الله. ومن لقي الله بذنب يجب له به النار تائبًا غير مصر عليه؛ فإن الله ﷿ يتوب عليه ويقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات. ومن لقيه وقد أقيم عليه حد ذلك في الدنيا؛ فهو كفارة، كما جاء الخبر عن رسول الله " (٢).

وأهل السنة والجماعة وسط في حق النبي بين أهل الغلو وأهل التفريط.

فأهل الغلو من أنزله فوق منزلته، في دعاءه والاستغاثة به بعد موته، أو اعتقاد أنه يعلم الغيب، أو أنه خلق من نور، أو اتخاذ قبره عيدا إلى غير ذلك مما لم يشرعه الله.

وأما أهل التفريط ممن قلل من شأن مقام النبوة، وزهد في إتباعه ، وفضل غيره من


(١) شرح أصول اعتقاد أهل السنة: ٣/ ٥٣٤.
(٢) المرجع السابق: ١/ ١٨٢.

<<  <   >  >>