للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه الرسائل تقدم صورة واضحة لفساد الحال في المجتمع النجدي الذي نزل به الجهل إلى تقديس الحجر والشجر والقعود عن الأخذ بالأسباب حين استبدلوا بها التعلق بأوهام لا تمت إلى الدين بسبب، مع ارتداد الحياة الجاهلية الأولى في البغي والظلم والنهب والسلب والسطو على الأموال والأعراض وقطع الطريق على حجاج بيت الله" (١).

ويقول د. علي عبد الحليم محمود : "شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب داعية إسلامي مصلح مجدد في القرن الثاني عشر الهجري، ذلك القرن الذي كانت تسيطر فيه على المسلمين أسباب الضعف السياسي، وأنواع الضلال الفكري، وصنوف الانحراف عن جادة الحق جادة الإسلام، القرن الذي أوشك بعض المسلمين فيه أن يعودوا إلى عبادة الصالحين والأوثان.

استطاع الشيخ محمد بن عبد الوهاب بتوفيق من الله أن يعرف دينه حق المعرفة وأن يدرك مقاصده وأهدافه، وأن يجند نفسه للعمل إلى الوصول لتلك المقاصد والأهداف. استطاع الشيخ الإمام أن يزيل عن قلوب كثير من المسلمين ما علق عليها من صدأ، وأن يقشع عن عيونهم ما ضللها من غيوم وسحب وذلك عندما أخذ على عاتقه أن يشرح للناس عقيدة الإسلام وأن ينقيها من الشوائب التي أدخلها عليها أهل الباطل والضلال والزيغ والهوى" (٢).

ويقول أولفيه ده كورانسيز: "الوهابية قد نقوا الإسلام مما أدخل عليه من تشويه وأعدوه إلى بساطته الأولى وصفائه. ولم يظهر الوهابيون إلا منذ خمسين سنة -بالنسبة لزمن هذا الكاتب- ولكن هذه السرعة الهائلة التي اتسمت بها فتوحاتهم، ضمانة كبيرة لبقائهم وعظمتهم.

كان المسلمون يومئذ -أي منذ ظهور محمد بن عبد الوهاب- يمارسون أشكالاً غريبة من العبادات بحيث لو عاد "محمد" إلى الدنيا، لظن أن الإسلام زال منها. ولرأى شيئاً عجيباً، فعلى القبور تقام القباب والمباني، ويزعم أن لأصحابها كرامات ومعجزات، وهناك وسطاء بين الله والناس يقبلون الرشوة، ومجانين ينتقلون في البلاد بحرية، ولا يجرؤ أحد على


(١) دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب بين التأييد والمعارضة: ٣. وانظر: الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مرآة علماء الشرق والغرب: ١١٠ - ١١١.
(٢) الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مرآة علماء الشرق والغرب: ٨١.

<<  <   >  >>