ثالثا: أنه سبق في الجوب عن الدعوى الرابعة في الفصل الثالث أن دعوة الإمام ﵀ دعوة سلفية دينية جاءت لإصلاح المجتمع في جميع جوانبه الدينية والأخلاقية والسياسية … مع العناية بجانب التوحيد، وهكذا كانت دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام.
رابعا: أن الرسول ﷺ بدأ دعوته بالتوحيد، وختمها بالتوحيد، وما بينهما توحيد، فكل دعوته لبيان التوحيد وما يضاده، وما يكمله وما ينقصه، وجزاء الموحدين وعقاب المشركين، ومن أجل ذلك، ومن خلال الوقوف على آثار الشيخ محمد بن عبد الوهاب، متمثلة في كتبه ومسائله ورسائله، يتضح أن الدعوة إلى التوحيد "توحيد الله تعالى"، والبراءة من ضروب الشرك وأهله، تحتل المساحة الأوسع، والاهتمام الأكبر، والمكانة الأولى لدى الإمام، أسوة برسول الله ﷺ الذي مكث في مكة ثلاث عشرة سنة، يغرس عقيدة التوحيد، ويقتلع جذور الشرك.
خامسا: اهتم الإمام محمد بن عبد الوهاب ﵀ اهتماماً بالغاً في جميع كتبه ورسائله بالتوحيد فكانت دعوته دعوة التوحيد وكان شعاره بيان معنى "لا إله إلا الله" وذلك
يعود لسببين:
الأول: أن تصحيح العقيدة وإخلاص العبادة لله ﷿ هو السبيل الذي سلكه الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام مع أقوامهم، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: ٣٦]، وقال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥)﴾ [الأنبياء: ٢٥].
الثاني: أن العصر الذي عاش فيه الإمام ﵀ كان يعج بالشركيات وعبادة الأوثان والبدع مما جعل الإمام ﵀ يبدأ أولاً بتصحيح العقيدة وتنقيتها من الشرك والبدع وفق الطريق القويم الذي جاء في الكتاب والسنة لأنه هو الطريق الحق والعدل والوسط وما عداه طريق الضلال والغواية والانحراف عن الصراط المستقيم يقول الشيخ ﵀: "إن التوحيد الذي دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم هو إفراد الله بالعبادة كلها ليس فيها حق لملك مقرب ولا نبي مرسل فضلاً عن غيرهم"(١).