للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سادسا: كان الإمام يؤكد في أكثر من موضع أن أول واجب يلزم المسلم تعلمه والعمل به هو إفراد الله بالتوحيد والعمل ب"لا إله إلا الله" ظاهراً وباطناً، يقول : "اعلم أرشدك الله أن الله خلقك لعبادته وأوجب عليك طاعته، ومن أفرض عبادته عليك: معرفة لا إله إلا الله علماً وقولاً وعملاً" (١). لأن العلم بمعنى "لا إله إلا الله" والعمل بمقتضاها هو أساس معرفة التوحيد الذي يجب على كل مسلم ومسلمة تحقيقه، وهو ما أكد عليه أهل العلم .

قال ابن رجب : "من قال: لا إله إلا الله بلسانه ثم أطاع الشيطان وهواه في معصية الله ومخالفته فقد كذب فعلُه قولَه، ونقصَ من كمال توحيده، بقدر معصيتهِ اللهَ في طاعة الشيطان والهوى، قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ﴾ [القصص: ٥٠] " (٢).

سابعا: أنه بالنظر في حال الأمة قديماً وحديثاً ندرك أن من أعظم المصائب إعراض كثير من الناس عن النظر في معنى "لا إله إلا الله" حتى باتت قولاً مجرداً عن العمل (٣).

يقول الإمام محمد بن عبد الوهاب : "والمراد من هذه الكلمة معناها لا مجرد لفظها والكفار الجهال يعلمون أن مراد النبي بهذه الكلمة هو إفراد الله بالتعلق والكفر بما يعبد من دونه والبراءة منه، فإنه لما قال لهم قولوا لا إله إلا الله قالوا: ﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (٥)[ص: ٥] فإذا عرفت أن جهال الكفار يعرفون ذلك فالعجب ممن يدعي الإسلام وهو لا يعرف من تفسير هذه الكلمة ما عرفه جهال الكفار، بل يظن أن ذلك هو التلفظ بحروفها، من غير اعتقاد القلب لشيء من المعاني" (٤).

فحقيقة التوحيد أن يُعبد اللهُ وحده فلا يدعى إلا هو، ولا يخشى إلا هو، ولا يتقى إلا هو، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يكون الدين إلا له (٥).


(١) الدرر السنية: ٢/ ١٢٣.
(٢) كلمة الإخلاص وتحقيق معناها: ٢٧.
(٣) انظر: الانتصار لحزب الله الموحدين في الرد على المجادل من المشركين: ١٠٥.
(٤) كشف الشبهات: ١٧.
(٥) انظر: منهاج السنة النبوية: ٣/ ٤٩٠.

<<  <   >  >>