للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطريق الثاني: ربما تتبع هؤلاء الغلاة عبارات مجملة لبعض أئمة الدعوة السلفية النجدية، أطلقوا فيها كفر من تولى عباد القبور والأضرحة والطواغيت الذين قاتلوا أهل التوحيد، فأعانوهم بالنفس أو المال أو الكلمة محبة لظهور دينهم، فنزلها الغلاة على غير مراد هؤلاء الأئمة، بل أنكروها - أي الأئمة- أشد الإنكار.

يقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن عن أقوام في زمنه زعموا أنهم على عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب كفّروا أئمة المسلمين بمكاتبة الملوك المصريين، بل كفّروا من خالط من كاتبهم من مشايخ المسلمين مستدلين ببعض أقوال أئمة الدعوة في غير محلها: "فرُفع إلي أمرُهم فأحضرتهم وتهددتم، وأغلظت لهم القول فزعموا: أولاً: أنهم على عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأن رسائله عندهم، فكشفت شبهتهم، وأدحضت ضلالتهم بما حضرني في المجلس، وأخبرتهم ببراءة الشيخ من هذا المعتقد والمذهب، وأنه لا يكفر إلا بما أجمع المسلمون على تكفير فاعله من الشرك الأكبر، والكفر بآيات الله ورسله، أو بشيء منها بعد قيام الحجة وبلوغها المعتبر …

وأما التكفير بهذه الأمور التي ظننتموها من مكفرات أهل الإسلام فهذا مذهب الحرورية المارقين الخارجين على علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ومن معه من الصحابة، فإنهم أنكروا عليه تحكيم أبي موسى الأشعري وعمرو بن العاص في الفتنة التي وقعت بينه وبين معاوية وأهل الشام، فأنكرت الخوارج عليه ذلك، وهم في الأصل من أصحابه من قراء الكوفة والبصرة، وقالوا: حكّمت الرجال في دين الله، وواليت معاوية وعمراً وتوليتهما، وقد قال الله تعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾ [الأنعام: ٥٧] " (١).

وقال الشيخان محمد بن عبد اللطيف وعبد الله بن عبد العزيز العنقري -رحمهما الله- رداً على بعض الغلاة المنتسبين للدعوة المتهمين لأئمتها في زمنهم بالمداهنة اعتماداً على بعض العبارات والألفاظ في كتب الأئمة: " فواجب على كل مكلف، أخذ الدين عن أهله، كما قال بعض السلف: إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم، فأما من تعلق بظواهر ألفاظ من


(١) الدرر السنية: ١/ ٤٥٧.

<<  <   >  >>