للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بحمد الله- ظاهر المعنى، فإن المراد به: موافقة الكفار على كفرهم، وإظهار مودتهم، ومعاونتهم على المسلمين، وتحسين أفعالهم، وإظهار الطاعة والانقياد لهم على كفرهم. والإمام - وفقه الله - لم يقع في شيء مما ذكر، فإنه إمام المسلمين، والناظر في مصالحهم، ولا بد له من التحفظ على رعاياه وولايته من الدول الأجانب. والمشايخ كالشيخ سليمان بن عبد الله، والشيخ عبد اللطيف، والشيخ حمد بن عتيق، إذا ذكروا موالاة المشركين فسَّروها بالموافقة والنصرة والمعاونة، والرضا بأفعالهم، فأنتم - وفقكم الله - راجعوا كلامهم تجدوا ذلك كما ذكرنا" (١).

خامسا: قال الشيخ حمد بن عتيق فيما نقله عن الشيخ سليمان بن عبد الله : "وكذلك قوله في الحديث: «من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله» (٢) على ظاهره، وهو: أن الذي يدّعي الإسلام، ويكون مع المشركين في الاجتماع والنصرة والمنزل؛ بحيث يعدّه المشركون منهم، فهو كافر مثلهم وإن ادّعى الإسلام، إلا أن يكون يظهر دينه ولا يتولّى المشركين. انتهى. فانظر - وفقك الله - إلى قوله في هذه العبارة "وكون المشركين يعدونه منهم"، يتبين لك أن هذا هو الذي أوجب كفره، وأما مجرد الاجتماع معهم في المنزل، فإن ذلك بدون إظهار الدين معصية.

وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النساء: ١٤٤]: يعني: معهم في الحقيقة؛ يوالونهم ويسرون إليهم بالمودة، ويقولون لهم إذا خلوا بهم: إنا معكم. فهذا هو الذي أوجب كفرهم لا مجرد المخالطة (٣).

فأنتم - وفقكم الله - الواجب عليكم التبصر وأخذ العلم عن أهله، وأمَّا أخذكم العلم من مُجرد أفهامكم أو من الكتب، فهذا غير نافع، ولأن العلم لا يُتلقى إلا من مظانه وأهله، قال تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: ٤٣]، وقال تعالى: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ [النساء: ٨٣]، وقال تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي


(١) المرجع السابق: ٩/ ١٥٧.
(٢) سنن أبي داود، كتاب الجهاد، باب في الإقامة بأرض الشرك، برقم: ٢٧٨٧. وانظر: صحيح سنن أبي داود، برقم: ٢٧٨٧.
(٣) تفسير القرآن العظيم: ١/ ٥٣٦.

<<  <   >  >>