للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضد ولاة الأمور فهو ضد الدين، وإن تظاهر بالنصرة للإسلام؛ لأن الإسلام ينهاه عن كل ما يمس السياسة الرشيدة؛ والإسلام يقول: «من فارق الجماعة قيد شبر فمات، فميتته ميتة جاهلية» (١)، والإسلام يقول: «من أهان إمام المسلمين أهانه الله» (٢)، والإسلام يقول: «السلطان ظل الله في أرضه» (٣)، فمن خرج على الإمام يريد نصرة الإسلام بزعمه فهو كاذب، ما لم يعين ما أخل به الإمام، ويناصحه سرا مرارا، ثم يعلن له ذلك عند العجز عنها في السر» … وبما أنه قد علم أن الدين والملك أخوان، يقوى هذا بقوة صاحبه، ويضعف بضعفه، كان من المتعين على ملوك الإسلام، التمسك بالدين وحمايته، وصيانته عن كل ما يناقضه أو ينقصه، لا سيما مثلكم" (٤).

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز في رسالة لعموم المسلمين، جاء فيها: " ولا يفوتني في هذا المقام أن أوصي حكام المسلمين بأن يتقوا الله ويحكموا شريعة الله ويقيموا حدوده، فإنهم مسئولون عن ذلك بين يديه حين يكون الملك له وحده بما ولاهم من أمر عباده، ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، ولا يكون عادلا إلا إذا حكم بما أنزل الله، والله تعالى قال لنبيه الكريم : ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾ [المائدة: ٤٩]. كما أوصيهم بأن يجتمعوا على كلمة سواء وأن لا يختلفوا فتزول هيبتهم ويطمع فيهم عدوهم كما هو واقع الحال، والله تعالى يقول: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: ١٠٣] " (٥).

ثالثا: أن من أسباب الوقوع في تلك الدعاوى عدم العلم بمعرفة مواقع الخطاب، يقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن لما ذكر أن هؤلاء الذين ظهروا في زمنه وكفروا


(١) صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب الأمر بلزوم الجماعة عند ظهور الفتن وتحذير الدعاة إلى الكفر، برقم: ١٨٤٩.
(٢) رواه الترمذي، أبواب الفتن، برقم: ٢٢٢٤، ولفظه: «من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله». وانظر: صحيح سنن الترمذي، برقم: ٢٢٢٤.
(٣) أخرجه أبو نعيم في فضيلة العادلين، برقم: ٣١. قال الألباني: موضوع. انظر: السلسلة الضعيفة برقم: ٤٧٥.
(٤) الدرر السنية: ١٥/ ٢٨ - ٢٩.
(٥) مجموع مقالات وفتاوى ابن باز: ١٦/ ٢٩٩ - ٣٠٠.

<<  <   >  >>