رابعا: من الأدلة على أن الولاء والبراء من العقيدة أن الله ﷿ أكد وبين هذه السنة الإلهية، وعلى لزوم هذه المفاصلة بين أهل الحق وأهل الباطل، وأنها ليست خاصة بدين الإسلام الذي بُعث به محمد ﷺ، بل هي عامة في جميع الشرائع الإلهية، وقد وقعت لجميع أنبياء الله تعالى وأتباعهم مع أقوامهم الذين عادوهم وكفروا بما بُعث به أنبياء الله تعالى.
وهذا أبو الأنبياء إبراهيم خليل الرحمن ﵇، يتبرأ من أبيه، وذلك في قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (١١٤)﴾ [التوبة: ١١٤].
وهذا هود ﵇ يعلن البراءة من شرك قومه، ثم يَعلمُ عاقبة هذه البراءة، وهي أنهم سيواجهونها بإعلان العداء الكامل: ﴿قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٥٤) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (٥٥)﴾ [هود: ٥٤ - ٥٥].
وهكذا جميع الأنبياء: ما إن يعلنوا دعوتهم حتى يعلن أقوامهم العداوة لهم. وحينها لا بد من ثبات أهل الحق على حقهم، ولن يثبتوا بغير الولاء فيما بينهم والبراءة ممن عاداهم.
خامسا: من الأدلة على أن الولاء والبراء من العقيدة أن النبي ﷺ أخبر أن الولاء والبراء أوثق عرى الإيمان، فعن ابن عباس ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ لأبي ذر: «أي عرى الإيمان أوثق؟»، قال: الله ورسوله أعلم، قال: «الموالاة في الله، والمعاداة في الله، والحب في الله،