للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على أن تعبد الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتناصح المسلمين، وتفارق المشركين» (١).

ثامنا: أن من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة أنه يجب على كل مسلم يدين بكلمة التوحيد أن يوالي أهلها ويعادي أعداءها؛ فيحب أهل التوحيد والإخلاص ويواليهم، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ [الحجرات: ١٠].

ويبغض أهل الإشراك ويعاديهم، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ﴾ [الممتحنة: ١].

وقال تعالى: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾ [المجادلة: ٢٢]، فهذه الآية نفت " أن يوجد من يؤمن بالله تعالى حق الإيمان، ويلتزم شعبه على الكمال يواد كافراً أو منافقاً. ومعنى يواد: يكون بينهما من اللطف بحيث يود كل واحد منهما صاحبه" (٢).

وهذه الموالاة والمعادة من ملة إبراهيم والذين معه الذين أمرنا بالاقتداء بهم، قال : ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾ [الممتحنة: ٤].

وهو من دين محمد قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥١)[المائدة: ٥١]، فالولاء والبراء محل إجماع بين أهل القبلة (٣)، بل هو معتقد لا يخلو منه كل دين أو مذهب.

وساق ابن بطه بسنده "عن محمد، قال: قال عبد الله بن عتبة: ليتقين أحدكم أن يكون يهوديا أو نصرانيا، وهو لا يشعر، قال محمد: فظننته أخذ ذلك من هذه الآية: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ [المائدة: ٥١] (٤).


(١) سبق تخريجه: ٤٩٧.
(٢) المحرر الوجيز: ٥/ ٢٨٢.
(٣) انظر: الفتاوى السعدية: ١١١، القول المبين في حكم المعاملة بين الأجانب والمسلمين: ١١٠.
(٤) كتاب الإبانة: ٢/ ٨٥٨.

<<  <   >  >>