للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السماء؟ ومن خلق الأرض؟ ومن خلق الجبال؟ قالوا: الله. وهم مشركون".

وقال عكرمة : " تسألهم: مَنْ خلقهم؟ ومن خلق السماوات والأرض، فيقولون: الله. فذلك إيمانهم بالله، وهم يعبدون غيره".

وعن مجاهد قال: " إيمانُهم قولهم: الله خالقنا ويرزقنا ويميتنا.، فهذا إيمان مع شرك عبادتهم غيرَه".

وعن قتادة قال: "إنك لست تلقى أحدًا منهم إلا أنبأك أن الله ربه، وهو الذي خلقه ورزقه، وهو مشرك في عبادته" (١).

فدلت هذه الأقوال على أن المشركين يعترفون بالربوبية؛ ولكنهم يشركون في الألوهية.

قال المقريزي (٢) : "ولا ريب أن توحيد الربوبية لم ينكره المشركون، بل أقرّوا بأنه سبحانه وحده خالقهم، وخالق السموات والأرض، والقائم بمصالح العالم كله، وإنما أنكروا توحيد الإلهيّة والمحبّة إلى أن قال: " من عدل به غيره فقد أشرك في ألوهيّته ولو وحّد ربوبيّته، فتوحيد الربوبيّة هو الذي اجتمعت فيه الخلائق مؤمنها وكافرها، وتوحيد الإلهيّة مفرق الطرق بين المؤمنين والمشركين" (٣).

ثانيًا: الآيات التي ذكر فيها المخالف أن الدعوة المباركة حملت فيها آيات الربوبية على الألوهية، وهي قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ﴾ [الحج: ٤٠]، الخ. وكذلك:

ثالثًا: الآيات التي فسر فيها المخالف الألوهية بالربوبية، وهي قوله تعالى: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة: ١٦٣]، الخ.

فإن من عقيدة أهل السنة والجماعة - كما سبق في المبحث الثاني من هذا الفصل-


(١) انظر هذه الأقوال وغيرها في المرجع السابق: ١٦/ ٢٨٦ - ٢٨٩.
(٢) أحمد بن علي بن عبد القادر بن محمد، أبو العباس المقريزي، البعلبكي الأصل، المصري المولد والوفاة، الحنفي ثم الشافعي، له مصنفات عديدة منها: الواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، ويعرف بخطط المقريزي، وله تجريد التوحيد المفيد، توفي سنة ٨٤٥ هـ. انظر: شذرات الذهب: ٧/ ٢٥٤، والبدر الطالع: ١/ ٧٩، والضوء اللامع لأهل القرن التاسع: ٢/ ٢١.
(٣) تجريد التوحيد: ٢٠ - ٢١.

<<  <   >  >>