للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلاقة بين توحيد الربوبية والألوهية؛ وأن توحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية، وتوحيد الألوهية يتضمن توحيد الربوبية، ويصح التعبير بأحدهما عن الآخر حيث إن الإله لا يكون كذلك إلا باتصافه بالربوبية. والرب المالك لكل شيء هو وحده المستحق للعبادة (١).

وهذا التلازم لا يصدق إلا في حق الله تعالى؛ إذ هو الحق في ربوبيته وألوهيته؛ ولذلك فإن مصداق الرب عين مصداق الإله في نفس الأمر، وهو أن الله تعالى هو وحده مستحق للعبادة، فله الألوهية والعبودية على خلقه، وهو سبحانه الرب المتفرد بالخلق والملك والتدبير (٢).

وهذه القضية وهي أن الإله هو الرب قضية صحيحة في نفسها، وكذلك قضية صحيحة في اعتقاد الموحدين، أما في حال المشركين فلا، كما سبق عند قوله تعالى: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١٠٦)[يوسف: ١٠٦].

رابعًا: أن الإمام وأتباعه لم يقل أحد منهم بأن المشركين يقرون بتوحيد الربوبية الإقرار الكامل، وإنما المراد تقرير ما ثبت في القرآن عن المشركين من اعترافهم بالخالق الرازق المدبر لشؤون الخلق، قال الله تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (٦١)[العنكبوت: ٦١]، ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (٩)[الزخرف: ٩]، وغيرها من الآيات.

بل إن الإمام وأتباعه يذكرون عن المشركين بعض ما يقع منهم من الشرك كالاستسقاء بالأنواء والتطير واعتقاد النفع والضر في آلهتهم إلى غير ذلك (٣)، مما هو شرك في الربوبية.

قال تعالى مخبراً عن المشركين: ﴿إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٥٤)[هود: ٥٤]، وقال تعالى: ﴿وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (٢٤)[الجاثية: ٢٤]، وقال تعالى:


(١) انظر: الذخيرة: ٢/ ٥٧،، والمحرر الوجيز: ٢/ ٤١٩، وتفسير القرطبي: ٨/ ٣٠٨، وتفسير السمعاني: ٥/ ٩٢، ٢٧٨ - ٢٨٠، ومعالم التزيل: ٤/ ٢٨٣، والتفسير الكبير للرازي: ٩/ ٩١.
(٢) انظر: صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان: ٤٣٩ - ٤٤١، وتيسير العزيز الحميد: ٨١.
(٣) انظر: الدرر السنية: ١/ ٢٦٠، ٤١٠، ٢/ ٦٣، ١٤٣، ١٠/ ١٣٧، ٣٣٩، ١١/ ٥، ٤١، وشرح الطحاوية: ١/ ٢٥، ٣٦، ٣٨.

<<  <   >  >>