للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد سبق أن أئمة الدعوة في الولاء والبراء يفرقون بين الكفر والمعاصي وأن الموالاة والمعادة مراتب، يقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن عند بيان أن الكفر ذو أصل وشعب والمعاصي كلها من شعب الكفر: " ولا يسوى بينهما في الأسماء والأحكام، وفرق بين من ترك الصلاة أو الزكاة أو الصيام أو أشرك بالله أو استهان بالمصحف، وبين من يسرق ويزني أو يشرب أو ينهب، أو صدر منه نوع موالاة كما جرى لحاطب، فمن سوى بين شعب الإيمان في الأسماء والأحكام، أو سوى بين شعب الكفر في ذلك، فهو مخالف للكتاب والسنة، خارج عن سبيل سلف الأمة، داخل في عموم أهل البدع والأهواء" (١).

وهذه المسألة - الحب والبغض - أصل في كل فعل وترك في العالم، فكيف يقال: إنها نتيجة الحاجة التاريخية انتقلت من إطار الفقهيات إلى الأصول، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية مبينا أن أصل كل فعل وترك هو الحب والبغض: "أصل كل فعل وحركة في العالم من الحب والإرادة، كما أن البغض والكراهة أصل كل ترك" (٢).

ويقول في موضع آخر: "إذا كانت المحبة والإرادة أصل كل عمل وحركة .. عُلم أن المحبة والإرادة أصل كل دين، سواء كان دينا صالحا أو دينا فاسدا" (٣).

إن الحب في الله والبغض في الله ولوازمهما من الولاء والبراء ليس إيماناً فحسب، بل هو أوثق عرى الإيمان كما جاء ذلك في الحديث عن النبي .

سابعا: وقوله عن تحديد الشراح الأوائل لمظاهر الموالاة التي يتم بها التكفير، "فزادوا في الواقع من مساحة دائرة التكفير، بل ومن النواقض ذاتها، بحيث تتفرع عن كل ناقض من هذه النواقض العشرة، نواقض أخرى، وهكذا دواليك، حتى أصبحت مفردات التكفير

-الصحيح منها وغير الصحيح- في حالة تشدد تنظيري لا نهاية له".

وهذا من عادة أهل الباطل في التهويل وذكر العبارات المجملة التي يلبّسون بها على العامة؛ وإلا فما هي هذه المفردات التكفيرية في مظاهر الموالاة - حسب زعمه-، فما كان


(١) الدرر السنية: ١/ ٤٧٨.
(٢) جامع الرسائل، قاعدة في المحبة: ٢/ ١٩٣.
(٣) المرجع السابق: ٢/ ٢١٧.

<<  <   >  >>