للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وارتباط بين أمرين، الأول هو الشرط، والثاني هو المشروط، وهذا الارتباط بين الشرط والمشروط، قد يكون العقل هو الذي اقتضاه، أو العادة، أو الشرع، أو اللغة؛ فالارتباط واللزوم بين الشرط والمشروط في الشرط العقلي، العقل هو الذي حكم بوجود هذه العلاقة والارتباط بين الشرط والمشروط؛ فلا يمكن وجود المشروط بدون الشرط عقلاً (١).

والشرط العقلي، ما لا يمكن وجود الفعل بدونه عقلاً (٢).

أما الالتزام فهو دلالة اللفظ على لازمِ مسماه الخارج، وهي دلالة عقلية (٣).

سابعًا: أن للمنهج القرآني مسلكين في تقرير دلالة الربوبية على الألوهية:

أحدهما: دلالة أن الله تعالى هو المتفرد بالخلق والتدبير.

والثاني: دلالة أن الله تعالى هو المتفرد بهبة النعم الظاهرة والباطنة (٤).

ويمكن أن نمثل للاستدلال بتوحيد الربوبية على توحيد الألوهية بما يلي: قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢)[البقرة: ٢١ - ٢٢].

فهذا خطاب لجميع بني آدم يأمرهم الله تعالى فيه بالعبادة وهذا هو توحيد الألوهية ثم يأتي بعد ذلك البرهان الساطع والدليل القاطع على وجوب توحيد الألوهية وهو أنه الخالق لهم ولآبائهم الأولين، وأنه المنعم عليهم بأن جعل لهم الأرض ممهدة ومستقرة، وجعل السماء فوقهم مبنية، ورزقهم بالماء وهو ما لا يصبرون على تركه ولم يجعله مِلْكاً لأحد بل أنزله من السماء للجميع، وأخرج لهم الرزق من الأرض ليأكلوا منه أو يبيعوا.

قال ابن جرير : " يُذكِّرُ ربّنا جلّ ذكره -بذلك من قِيله- عبادَهُ نعمَه عندهم


(١) انظر: شرح الكوكب المنير: ١/ ٣٦٠.
(٢) انظر: المرجع السابق: ١/ ٣٦٠.
(٣) انظر: المرجع السابق: ٣٩.
(٤) انظر: القواعد الحسان: ١٩٣ - ١٩٤، وفي كتاب العظمة لأبي الشيخ الأصبهاني ما يستدل به من أدلة الربوبية على الألوهية من الآيات والأحاديث والآثار الكثيرة، وكذلك كتاب التوحيد لابن منده .

<<  <   >  >>