للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاختراع، وقد بين الخليل بن أحمد عدم صحة دلالة اسم الله تعالى (الله) على صفة فعلية فقال: "وليس (الله) من الأسماء التي يجوز منها اشتقاق فعل، كما يجوز في (الرحمن الرحيم) " (١).

ثالثًا: إن معنى الإله في الاستعمال الشرعي لم يتغير عما هو عليه في اللغة، فهو إله على وزن فِعال بمعنى مفعول: أي معبود.

فالإله في الشرع هو المألوه المعبود محبة ورجاء ورغبة وتوكلاً واستعانة واستغاثة.

رابعا: مما يدل على أن الإله بمعنى المعبود في الكتاب قوله تعالى: ﴿قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (٦٤)[آل عمران: ٦٤]، واتفق المفسرون على أن قوله: ﴿أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ﴾ تفسير لقوله: ﴿كَلِمَةٍ﴾ (٢)، وقد قال ابن جرير في معنى ﴿كَلِمَةٍ﴾: هي قوله: لا إله إلا الله (٣).

وبناء على هذا يكون معنى (لا إله إلا الله) أي ألا نعبد إلا الله، وإذا قابلت بين هاتين الجملتين تحصّل لك أن الإله بمعنى المعبود بأوضح ما يكون.

ومما يدل على ذلك -أيضاً- قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (٢٧) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢٨)[الزخرف: ٢٦ - ٢٨]، حيث قال ابن جرير في قوله: ﴿وَجَعَلَهَا كَلِمَةً﴾: "وجعل قوله: ﴿إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي﴾ [الزخرف: ٢٦ - ٢٧]، وهو قول لا إله إلا الله كلمة باقية في عقبه، وهم ذريته، فلم يزل في ذريته من يقول ذلك من بعده" (٤).

ووجه الاتفاق بين معنى قوله: ﴿إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي﴾، وقول لا إله


(١) العين: ٤/ ٩١.
(٢) انظر: رفع الاشتباه عن معنى العبادة والإله وتحقيق معنى التوحيد والشرك بالله: ١٤٤ وما بعدها.
(٣) انظر: جامع البيان: ٣/ ٣٠١ - ٣٠٢.
(٤) المصدر السابق: ١١/ ١٧٩.

<<  <   >  >>