للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلا الله هو أن الشهادة مشتملة على جزئين في المعنى:

١ - النفي في قوله: "لا إله".

٢ - والإثبات في قوله: "إلا الله".

وهذان المعنيان موجودان في الآية بحيث يمكن أن نفسر معنى (الإله) عندما نطابق بين المعنيين:

فقوله: ﴿إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ﴾ موافق لقوله: "لا إله"؛ لأن كليهما نفي في المعنى، ويلاحظ أن الآية تشتمل على (العبادة) الموافقة لمعنى (الإله).

وقوله: ﴿إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي﴾ موافق لقوله: "إلا الله".

خامسا: أنه حصل الخلط عند المناوئين في تعريف توحيد الألوهية، حيث عرف كثير من الأشاعرة (١) كلمة (إله) بأنه القادر على الاختراع، فمن ذلك ما نسبه البغدادي (٢) إلى أبي الحسن الأشعري (٣) فقال: "واختلف أصحابنا في معنى الإله: فمنهم من قال إنه مشتق من الإلهية، وهي: قدرته على اختراع الأعيان، وهو اختيار أبي الحسن الأشعري" (٤)، ثم اختار البغدادي القول بأنه غير مشتق!


(١) الأشاعرة: طائفة من طوائف أهل الكلام، ينتسبون لأبي الحسن الأشعري في مذهبه الذي اتخذه بعد تركه الاعتزال وقبل تصريحه بانتسابه إلى مذهب الإمام أحمد، وعامتهم يثبتون سبع صفات فقط لله تعالى، وينكرون علو الذات، ويقولون: إن الإيمان هو التصديق، ولا يحتجون بأحاديث الآحاد في العقيدة. انظر: الملل والنحل: ١/ ٩٤، ومجموع الفتاوى: ٦/ ٥٢، وموقف ابن تيمية من الأشاعرة: ٢/ ٤٩٣ وما بعدها.
(٢) أبو منصور عبد القاهر بن ناصر بن محمد التميمي الشافعي البغدادي، درس على أبي إسحاق الإسفراييني، وتأثر به في المعتقد الأشعري، من مؤلفاته: أصول الدين، والفرق بين الفرق، ت سنة ٤٢٩ هـ. انظر: سير أعلام النبلاء: ١٧/ ٥٧٢، وفيات الأعيان: ٢/ ٣٧٢، وفوات الوفيات: ٢/ ٣٧٠، وموقف ابن تيمية من الأشاعرة: ٢/ ٥٧٠.
(٣) هو علي بن إسماعيل بن أبي بشر، ينتسب إلى أبي موسى الأشعري، صاحب رسول الله . وكنيته أبوالحسن، توفي سنة ٣٢٤ هـ في بغداد. وكان له ثلاث أحوال: كان في أولاها معتزليا، وسلك في الثانية مذهب ابن كلّاب، ورجع أخيرا إلى معتقد السلف في الجملة، وألف عدة كتب في نصرة معتقدهم، ككتاب الإبانة عن أصول الديانة، ورسالة إلى أهل الثغر. انظر: البداية والنهاية: ١١/ ١٩٩، وشذرات الذهب: ٢/ ٣٠٣، وموقف ابن تيمية من الأشاعرة: ١/ ٣٢٩.
(٤) أصول الدين للبغدادي: ١٢٣.

<<  <   >  >>