للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه الدعوى قديمة (١)، وهي الاشتباه في معنى العبادة الصحيح (٢)، وبسبب ذلك حصل الإنحرف في شأن الاستعانة بالصالحين الموتى، وتعظيم القبور والمشاهد … ووقع الشرك.

والجواب عن هذه الدعوى:

أولا: تعريف العبادة في اللغة: مصدر عَبَدَ يعبد عبادة.

يقول ابن فارس : "العين والباء والدال أصلان صحيحان، كأنهما متضادان:

والأول من ذينك الأصلين يدل على لين وذل. والآخر على شدة وغلظ …

فالأول العبد، وهو المملوك … والأصل الآخر العَبَدَة، وهي القوة والصلابة" (٣).

والعبادة تطلق في اللغة على معان متعددة منها: الخضوع والذلة، والقوة والصلابة، والأنفة والكراهة، والطاعة والتنسك والمملوكية (٤).

والمتأمل في هذه المعاني يراها ترجع إلى الأصلين اللذين ذكرهما ابن فارس، ولا تخرج عنهما.

ثانيا: تعريف العبادة في الشرع: إن معاني العبادة في الشرع تتنوع بحسب اعتبارات سياقاتها، فالعبادة باعتبار أصلها هي مصدر بمعنى التّعبّد، وهي بهذا المعنى التذلل لله والخضوع له بفعل أوامره واجتناب نواهيه، مع المحبة والتعظيم.

والعبادة باعتبار أفرادها هي اسم بمعنى المُتَعبَد به، وهي بهذا المعنى اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة (٥).

ثالثا: لا بد من التفريق بين تعريف العبادة من حيث هي مطلقة دون الإضافة إلى أحد،


(١) انظر: أصول الدين للبغدادي: ١٢٣، وشواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق: ١٥٠، ومنهج أهل السنة ومنهج الأشاعرة في توحيد الله تعالى: ٥٦.
(٢) انظر: رفع الاشتباه عن معنى العبادة والإله: ٣١.
(٣) مقاييس اللغة: ٤/ ٢٠٥ - ٢٠٦.
(٤) انظر: تهذيب اللغة: ٣/ ٢٢٩٩ - ٢٣٠٥، والصحاح: ٢/ ٥٠٢ - ٥٠٤، ولسان العرب: ٣/ ٢٧٢ - ٢٧٣، والقاموس المحيط: ٣٧٨ - ٣٧٩، وأساس البلاغة: ٢٩١، ومفردات القرآن: ٥٤٢.
(٥) انظر: العبودية: ٥، تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد: ٣٥، معارج القبول: ١/ ٨٤، تقريب التدمرية: ١٢٩.

<<  <   >  >>